الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) في استنابة القاضي بغير عمله ، قال البرزلي : سألت شيخنا الإمام عن مسألة نصها جوابكم في قاضي عمالة سافر إلى غيرها وقد كان المقام العالي - أسماه الله - أذن له في النيابة عنه في عمالته بخلال ما يرجع إليها فسافر القاضي المذكور ولم يستنب وقد كان بدأ الحكم في قضية تدمية بشهادة عدول ولم يكملها فرغبه بعد سفره المذكور أهل القضية المذكورة في الاستنابة فيها حتى يكمل فهل يسوغ له ذلك في القضية المذكورة وهو بغير عمالته لاستناده إلى ما سبق له فيها من إذن الإمام أم لا يسوغ له ذلك لكونه كحكمه في غير عمله ، وكيف إن سوغتم له الإذن فهل يكفي خطه لمن استنابه وعينه لذلك أم لا بد من الإشهاد عليه في الاستنابة المذكورة بغير عمالته ؟ فإن استناب على أحد الوجهين وقد كان شهد عنده العدول في التدمية المذكورة ومن فصولها أنهم لا يعلمون الميت المذكور برئ من الجرح المذكور إلى أن مات فشهد عند النائب عنه شهود استرعاء زكاهم عدول بأن الميت المذكور مات عن صحة بينة ليس من جرح بحال فهل يعمل على هذه الثانية لكونها أثبتت غير ما ذكرته الأولى وإن كانت الأولى أعدل أم لا فإن عمل على الثانية فهل يلزم المدعى عليه أدب أو يسرح وإن حكم بأدبه فهل يكفي ما مضى من سجنه وله اليوم قريب من ثلاثة أشهر مسجون مصفد في الحديد أم لا أفتنا بالجواب في ذلك . فأجاب : الاستنابة المذكورة صحيحة عاملة ولا يدخلها الخلاف الحاصل من نقل ابن سهل ; لأن سماع البينة أقرب للحكم من مجرد الاستنابة ويقوم جوازها من مسألة العريش من المدونة وثبوت البينة للحكم بالصحة المذكورة ويسقط حد الضرب والسجن وتقدم حبسه المذكور يسقط استئناف أدبه ويكفي فيه ، والله أعلم ، انتهى جوابه ، وما ذكره من أن الاستنابة أخف من سماع البينة يشهد له ما تقدم لابن رشد أنه يكفي فيها خط القاضي وقبول قوله إن وقع وما ذكره من أنه يقوم جوازها من مسألة العريش هي من اكترى دابة من رجل ليحمل عليها دهنا من مصر إلى فلسطين فغره منها فعثرت بالعريش ضمن قيمة الدهن بالعريش وقال غيره : قيمته بمصر إن أراد ; لأنه منها تعدى ( قلت ) فإذا اعتبر على قول الغير محل الإذن فهل محل القاضي هنا فلا يستنيبها ; لأنه في غير محله ومن اعتبر ما آل إليه الأمر وهو وقوع العثور فينظر تحصيله فمتى ما حصل رتب الحكم عليه فيتخرج على هذا خلافا في هذه المسألة وما ذكره من إعمال شهادة الصحة هو أحد الأقوال من مسائل ، منها شهادة الصحة والمرض ويليها الحكم للأعدل وما ذكره من أن ما مضى يكفي في أدبه هو اختيار ابن الحاج على ما يأتي إذا سقط الدم بأي وجه سقط فيؤدب بحسب [ ص: 109 ] الاجتهاد ولا يبلغ به السنة خلاف اختيار ابن رشد إذا قوي طلب الدم ثم سقط الموجب فلا بد من استئناف ضرب مائة وحبس سنة ، انتهى . كلام البرزلي وما ذكره من أنه تقدم لابن رشد هو ما نصه وسئل عمن يستنيبه القاضي في المسألة هل يكتفي المستناب بخطه إلى أمير المصر أو جماعته كما يكتفي بخط السلطان في التقليدات كلها حسبما نص عليه أهل العلم إذ هي استنابة أم لا بد من إثبات ذلك بشاهدين كسائر الأحكام فأجاب بأنه يكتفي فيه بأيسر الأشياء من معرفة الخط وشبهه إذ لم يقتض حكما يلزم ثبوته ولو نهض المستناب لما أمر به من غير كتاب لمضى الأمر كما لو كان الكتاب ( قلت ) شبه ما لو حكما رجلين بينهما ، انتهى . ويقع في نسخ البرزلي كما يكتفي بخط السلطان في الشهادات والذي في كتاب الأقضية من نوازل ابن رشد في التقليدات كما تقدم وهو الصواب ، ومسألة العريش في كتاب كراء الدواب والرواحل من المدونة في أواخره وفلسطين بكسر الفاء والعريش بفتح العين المهملة موضع ، قاله في التنبيهات ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية