الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وانتظر غائب لم تبعد غيبته )

                                                                                                                            ش : يعني أنه إذا كان للمقتول وليان أحدهما غائب والآخر حاضر فليس للحاضر أن يستبد بالقتل قبل أن يعلم رأي الغائب إلا أن يكون الغائب بعيد الغيبة فإنه لا ينتظر وظاهر المدونة أن الغائب ينتظر وإن بعدت غيبته قال في كتاب الديات من المدونة .

                                                                                                                            وإذا كان القتل بغير قسامة وللمقتول وليان أحدهما حاضر والآخر غائب فإنما للحاضر أن يعفو فيجوز العفو على الغائب وتكون له حصته من الدية فليس له أن يقتل حتى يحضر الغائب فحملها ابن رشد على ظاهرها كما ذكره في سماع يحيى من كتاب الديات وكذلك ذكر ابن عرفة عن تعليقة أبي عمران عن ابن أبي زيد أن ظاهر المدونة ينتظر وإن بعدت غيبته وقيد ابن يونس المدونة بما إذا لم تبعد غيبته .

                                                                                                                            قال قال سحنون فيمن بعد جدا أو أيس منه كالأسير ونحوه قال ابن عرفة في النوادر عن المجموعة قال ابن القاسم ينتظر الغائب إلا أن يكون بعيد الغيبة فلمن حضر القتل ثم ذكر كلام سحنون قال ابن عرفة فحذف الصقلي قول ابن القاسم قصور انتهى . فعلم من كلام ابن عرفة أن ابن القاسم لم يقيد الغيبة بالبعد جدا ، ويفهم منه أن كلام سحنون خلاف قول ابن القاسم فلذلك لم يقيد المصنف الغيبة بالبعد جدا كقول سحنون وكما هو ظاهر كلام ابن الحاجب وعلم من كلام المصنف أنه لم [ ص: 251 ] ترتض حمل المدونة على ظاهرها كما قال ابن رشد .

                                                                                                                            وقال في الشامل وفيها انتظار الغائب إن قربت غيبته وهو الأصح أو مطلقا تأويلان وكتب إليه إن أمكن فإن أيس منه لم ينتظر كأسير وشبهه انتهى ( تنبيهات الأول ) إذ قلنا ينتظر فإن القاتل يحبس قال في المدونة إثر الكلام السابق ويحبس القاتل حتى يقدم الغائب ولا يكفل إذ لا كفالة في النفس ولا فيما دون النفس من القصاص انتهى ( الثاني ) ظاهر كلام ابن عرفة والبرزلي أن مثل هذا يحبس ويقيد بالحديد انظر كلامهما ( الثالث ) هذا ظاهر إذا كان للقاتل مال يأكل منه أو أجري له من بيت المال ما يأكل منه أو التزم ذلك أحد وإذا لم يكن له شيء من ذلك فانظر كيف يعمل فيه هل يطلق من السجن وهو الظاهر إذ يبعد أن يقول أحد أنه يخلد في السجن حتى يموت جوعا فتأمله ( الرابع ) هذا الخلاف الذي ذكرناه في انتظار الغائب البعيد الغيبة إنما هو حيث تتعدد أولياء الدم وكان بعضهم حاضرا وأما إن لم يكن الأولى واحد وهو غائب أو غاب جميع الأولياء فالظاهر أنهم ينتظرون مطلقا ولو بعدت غيبتهم ويشهد لذلك الفرع المنقول عن مختصر الوقار في القولة التي قبل هذه لكن مع وجود النفقة على القاتل هذا الذي ظهر لي ولم أر في المسألة المذكورة نصا بعد البحث عليها في المدونة وأبي الحسن والرجراجي والنوادر والبيان والتوضيح وابن عبد السلام والشامل وبهرام الكبير والمقدمات والذخيرة وغيرها والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية