الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( أو عضه فسل يده فقلع أسنانه )

                                                                                                                            ش : هذا معطوف على ما فيه الضمان ولم يعين ما الذي يضمنه هل دية الأسنان أو القود وقال في التوضيح في قول ابن الحاجب ولو عضه فسل يده ضمن أسنانه على الأصح يعني دية الأسنان والأصح عبر عنه المازري وغيره بالمشهور ونقل مقابله عن بعض الأصحاب .

                                                                                                                            وهو أظهر لما في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن { رجلا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثناياه فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك } زاد أبو داود { إن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه } وقال ابن المواز : الحديث لم يروه مالك ولو ثبت عنده لم يخالفه وتأوله بعض شيوخ المازري على أن المعضوض لا يمكنه النزع إلا بذلك وحمل تضمين بعض الأصحاب على أنه يمكنه النزع برفق بحيث لا تنقلع أسنان العاض فصار متعديا بالزيادة فلذلك ضمنوه ا هـ وقال القرطبي في شرح مسلم .

                                                                                                                            قوله صلى الله عليه وسلم لا دية لك وفي رواية فأبطله وقوله فأبطله هذا نص صريح في إسقاط القصاص والدية في ذلك ولم يقل أحد بالقصاص فيما علمت انتهى . وإنما الخلاف في الضمان فأسقطه أبو حنيفة وبعض أصحابنا وضمنه الشافعي وهو مشهور مذهب مالك ونزل بعض أصحابنا القول بالضمان على ما إذا أمكنه النزع برفق فنزعها بعنف وحمل بعض أصحابنا الحديث على أنه كان متحرك الثنايا وهذا يحتاج إلى حطم وأزمة ولا ينبغي أن يعدل عن صريح الحديث انتهى . وما ذكره عن مذهب الشافعي خلاف ما ذكره النووي من موافقة أبي حنيفة وهو أعرف بمذهبه وفي مسلم { ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها } قال القرطبي هو أمر على جهة الإنكار كما قال صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى : { بم تأمرني ؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك كما يقضم الفحل } . فمعناه أنك لا تدع يدك في فيه يقضمها ولا يمكن أن يؤمر بذلك انتهى زاد النووي فكيف تنكر عليه أن ينزع يده من فيك وتطلبه بما جنى في جذبه كذلك قاله القاضي انتهى . ويقضمها بفتح الضاد مضارع قضم بكسرها يقال قضمت الدابة شعيرها إذا أكلته بأطراف أسنانها وخضمت بالخاء المعجمة إذا أكلت بفيها كله . ويقال الخضم أكل الرطب والقضم أكل اليابس ومنه قول الحسن تخضمون ويقضم والموعد القيامة انتهى من القرطبي والفحل ذكر الإبل

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية