ولما بين عذابهم؛ بين اكتئابهم؛ فقال:
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30440_30539_32026_34308_34513_29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37وهم ؛ أي: فعل ذلك بهم والحال أنهم
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37يصطرخون فيها ؛ أي: يوجدون الصراخ فيها بغاية ما يقدرون عليه من الجهد في الصياح؛ بالبكاء والنواح؛ ولما بين ذلك؛ بين قولهم في اصطراخهم بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37ربنا ؛ أي: يقولون: أيها المحسن إلينا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37أخرجنا ؛ أي: من النار؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نعمل صالحا ؛ ثم أكدوه؛ وفسروه؛
[ ص: 63 ] وبينوه بقولهم - على سبيل التحسر؛ والاعتراف بالخطإ؛ أو لأنهم كانوا يظنون عملهم صالحا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37غير الذي كنا ؛ أي: بغاية جهدنا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نعمل ؛ فتركوا الترقق والعمل على حسبه في وقت نفعه؛ واستعملوه عند فواته؛ فلم ينفعهم؛ بل قيل - في جوابهم؛ تقريرا لهم؛ وتوبيخا؛ وتقريعا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37أولم ؛ أي: ألم تكونوا في دار العمل متمكنين من ذلك بالعقول والقوى؟ أولم
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نعمركم ؛ أي: نطل أعماركم؛ مع إعطائنا لكم العقول؛ ولم نعاجلكم بالأخذ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37ما ؛ أي: زمانا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37يتذكر فيه ؛ وما يشمل كل عمر يتمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه؛ غير أن التوبيخ في الطويل أعظم؛ وأشار بمظهر العظمة إلى أنه لا مطمع بغيره - سبحانه - في مد العمر.
ولما كان التفكر بعد البعث غير نافع ؛ لأنه بعد كشف الغطاء؛ عبر بالماضي؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37من تذكر ؛ إعلاما بأنه قد ختم على ديوان المتذكرين؛ فلا يزاد فيهم أحد؛ والزمان المشار إليه قيل: إنه ستون سنة؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما -؛ وبوب له
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في أوائل الرقاق؛ من غير عزو إلى أحد؛ وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12289أحمد بن منيع ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944121 "من عمره الله [ ص: 64 ] ستين سنة؛ فقد أعذر الله إليه في العمر"؛ وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجة ؛
nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى ؛ عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أيضا - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=849106 "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين؛ وأقلهم من يجوز ذلك".
ولما أشار إلى دليل العقل ابتداء ودواما؛ أشار إلى أدلة النقل المنبه على ما قصر عنه العقل؛ فقال - معبرا بالماضي؛ تصريحا بالمقصود؛ عطفا على معنى: "أولم نعمركم"؛ الذي هو "قد عمرناكم" -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37وجاءكم النذير ؛ أي: عني؛ من الرسل؛ والكتب؛ تأييدا للعقول بالدليل المعقول.
ولما تسبب عن ذلك أن عذابهم لا ينفك؛ قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37فذوقوا ؛ أي: ما أعددناه لكم من العذاب دائما أبدا؛ ولما كانت العادة جارية بأن من أيس من خصمه فزع إلى الاستغاثة عليه؛ تسبب عن ذلك قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37فما ؛ وكان الأصل: "لكم"؛ ولكنه أظهر؛ تعليقا للحكم بالوصف؛ للتعميم؛ فقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37للظالمين ؛ أي: الواضعين الأشياء في غير مواضعها؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37من نصير ؛ أي: يعينهم؛ ويقوي أيديهم؛ فلا براح لكم عن هذا الذواق؛ وهذا عام في كل ظالم؛ فإن من ثبت له نصر عليه؛ لأن ظلمه في كل يوم يضعف؛ ويهن؛ والحق في كل حين يقوى ويضخم.
وَلَمَّا بَيَّنَ عَذَابَهُمْ؛ بَيَّنَ اكْتِئَابَهُمْ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=30437_30440_30539_32026_34308_34513_29006nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37وَهُمْ ؛ أَيْ: فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37يَصْطَرِخُونَ فِيهَا ؛ أَيْ: يُوجِدُونَ الصُّرَاخَ فِيهَا بِغَايَةِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْجُهْدِ فِي الصِّيَاحِ؛ بِالْبُكَاءِ وَالنُّوَاحِ؛ وَلَمَّا بَيَّنَ ذَلِكَ؛ بَيَّنَ قَوْلَهُمْ فِي اصْطِرَاخِهِمْ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37رَبَّنَا ؛ أَيْ: يَقُولُونَ: أَيُّهَا الْمُحْسِنُ إِلَيْنَا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37أَخْرِجْنَا ؛ أَيْ: مِنَ النَّارِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نَعْمَلْ صَالِحًا ؛ ثُمَّ أَكَّدُوهُ؛ وَفَسَّرُوهُ؛
[ ص: 63 ] وَبَيَّنُوهُ بِقَوْلِهِمْ - عَلَى سَبِيلِ التَّحَسُّرِ؛ وَالِاعْتِرَافِ بِالْخَطَإِ؛ أَوْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَظُنُّونَ عَمَلَهُمْ صَالِحًا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37غَيْرَ الَّذِي كُنَّا ؛ أَيْ: بِغَايَةِ جُهْدِنَا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نَعْمَلْ ؛ فَتَرَكُوا التَّرَقُّقَ وَالْعَمَلَ عَلَى حَسَبِهِ فِي وَقْتِ نَفْعِهِ؛ وَاسْتَعْمَلُوهُ عِنْدَ فَوَاتِهِ؛ فَلَمْ يَنْفَعْهُمْ؛ بَلْ قِيلَ - فِي جَوَابِهِمْ؛ تَقْرِيرًا لَهُمْ؛ وَتَوْبِيخًا؛ وَتَقْرِيعًا -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37أَوَلَمْ ؛ أَيْ: أَلَمْ تَكُونُوا فِي دَارِ الْعَمَلِ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ ذَلِكَ بِالْعُقُولِ وَالْقُوَى؟ أَوَلَمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37نُعَمِّرْكُمْ ؛ أَيْ: نُطِلْ أَعْمَارَكُمْ؛ مَعَ إِعْطَائِنَا لَكُمُ الْعُقُولَ؛ وَلَمْ نُعَاجِلْكُمْ بِالْأَخْذِ؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37مَا ؛ أَيْ: زَمَانًا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37يَتَذَكَّرُ فِيهِ ؛ وَمَا يَشْمَلُ كُلَّ عُمُرٍ يَتَمَكَّنُ فِيهِ الْمُكَلَّفُ مِنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ؛ غَيْرَ أَنَّ التَّوْبِيخَ فِي الطَّوِيلِ أَعْظَمُ؛ وَأَشَارَ بِمَظْهَرِ الْعَظَمَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ بِغَيْرِهِ - سُبْحَانَهُ - فِي مَدِّ الْعُمُرِ.
وَلَمَّا كَانَ التَّفَكُّرُ بَعْدَ الْبَعْثِ غَيْرَ نَافِعٍ ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ كَشْفِ الْغِطَاءِ؛ عَبَّرَ بِالْمَاضِي؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37مَنْ تَذَكَّرَ ؛ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ قَدْ خَتَمَ عَلَى دِيوَانِ الْمُتَذَكِّرِينَ؛ فَلَا يُزَادُ فِيهِمْ أَحَدٌ؛ وَالزَّمَانُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ قِيلَ: إِنَّهُ سِتُّونَ سَنَةً؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -؛ وَبَوَّبَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي أَوَائِلِ الرُّقَاقِ؛ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إِلَى أَحَدٍ؛ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12289أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ؛ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=944121 "مَنْ عَمَّرَهُ اللَّهُ [ ص: 64 ] سِتِّينَ سَنَةً؛ فَقَدْ أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ فِي الْعُمُرِ"؛ وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيُّ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَةَ ؛
nindex.php?page=showalam&ids=12201وَأَبُو يَعْلَى ؛ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=849106 "أَعْمَارُ أُمَّتِي مَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ؛ وَأَقَلُّهُمْ مَنْ يَجُوزُ ذَلِكَ".
وَلَمَّا أَشَارَ إِلَى دَلِيلِ الْعَقْلِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا؛ أَشَارَ إِلَى أَدِلَّةِ النَّقْلِ الْمُنَبِّهِ عَلَى مَا قَصُرَ عَنْهُ الْعَقْلُ؛ فَقَالَ - مُعَبِّرًا بِالْمَاضِي؛ تَصْرِيحًا بِالْمَقْصُودِ؛ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى: "أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ"؛ الَّذِي هُوَ "قَدْ عَمَّرْنَاكُمْ" -:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ ؛ أَيْ: عَنِّي؛ مِنَ الرُّسُلِ؛ وَالْكُتُبِ؛ تَأْيِيدًا لِلْعُقُولِ بِالدَّلِيلِ الْمَعْقُولِ.
وَلَمَّا تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ عَذَابَهُمْ لَا يَنْفَكُّ؛ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37فَذُوقُوا ؛ أَيْ: مَا أَعْدَدْنَاهُ لَكُمْ مِنَ الْعَذَابِ دَائِمًا أَبَدًا؛ وَلَمَّا كَانَتِ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَنَّ مَنْ أَيِسَ مِنْ خَصْمِهِ فَزِعَ إِلَى الِاسْتِغَاثَةِ عَلَيْهِ؛ تَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37فَمَا ؛ وَكَانَ الْأَصْلُ: "لَكُمْ"؛ وَلَكِنَّهُ أَظْهَرَ؛ تَعْلِيقًا لِلْحُكْمِ بِالْوَصْفِ؛ لِلتَّعْمِيمِ؛ فَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37لِلظَّالِمِينَ ؛ أَيْ: الْوَاضِعِينَ الْأَشْيَاءَ فِي غَيْرِ مَوَاضِعِهَا؛
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=37مِنْ نَصِيرٍ ؛ أَيْ: يُعِينُهُمْ؛ وَيُقَوِّي أَيْدِيَهُمْ؛ فَلَا بَرَاحَ لَكُمْ عَنْ هَذَا الذَّوَاقِ؛ وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ ظَالِمٍ؛ فَإِنَّ مَنْ ثَبَتَ لَهُ نُصِرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ ظُلْمَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَضْعُفُ؛ وَيَهِنُّ؛ وَالْحَقُّ فِي كُلِّ حِينٍ يَقْوَى وَيَضْخُمُ.