( ولو كسمن وتعلم صنعة ) وكبر شجرة وثمرة لم تؤبر في يده ( فاز البائع بها ) من غير شيء يلزمه لها ، وهذا ما رجحه زاد المبيع زيادة متصلة الرافعي في الشرح الصغير واعتمده الأذرعي ونقله في البيان عن الأصحاب ونص عليه في الأم ، لكن ذكر الشيخان بعد أن المشتري يكون شريكا بالزيادة واعتمده الإسنوي وجمع الزركشي وغيره بحمل الأول على ما إذا تعلم بنفسه ; لأنه حينئذ كالسمن بجامع أن لا صنع للمفلس فيهما
والثاني على ما إذا تعلم بواسطة المفلس للقاعدة الآتية أنه حيث فعل المبيع ما يجوز الاستئجار عليه كان شريكا بنسبة الزيادة ، وعبارتهما تصرح بهذا الجمع فإنهما عبرا هنا بالتعلم مصدر تعلم بنفسه وثم بالتعلم مصدر علمه غيره ، وكذا حكم الزيادة في سائر الأبواب إلا في الصداق فإن المطلق قبل الدخول لا يرجع في نصف الزائد إلا برضا الزوجة كما سيأتي ، والفرق أن البائع يرجع بطريق الفسخ للعقد فكأنه لم يوجد ، ولو تغيرت صفة البيع كأن زرع الحب فنبت قال الإسنوي : فالأصح على ما يقتضيه كلام الرافعي أنه يرجع ، وجزم به ابن المقري وأفتى به الشيخ رحمه الله تعالى .
قال الإسنوي : [ ص: 345 ] ومقتضى الضابط في المسألة السابقة أن لا يفوز البائع بالزيادة فاعلمه ( والمنفصلة كالثمرة المؤبرة والولد ) الحادثين بعد البيع ( للمشتري ) ; لأنها تتبع الملك بدليل الرد بالعيب ، ولأن الثمرة المذكورة لا تتبع الشجر في البيع فكذا في الرجوع وقضيته أنه لا يشترط تأبير الكل ، فلو تأبر البعض كان الكل للمفلس أيضا وهو قريب ; لأنه حينئذ لا يتبع في البيع فكذا في الرجوع ، ولا ينافيه ما يأتي في أحد التوأمين ; لأن الانفصال ثم حسي كالاتصال فأدير الأمر عليهما ولم ينظر إلى أن التوأمين كمحمل واحد ، ولو وضعت أحد توأمين عند المشتري ثم رجع البائع قبل وضع الآخر أعطي كل منهما حكمه فيما يظهر كما اعتمده الوالد رحمه الله تعالى ، وهو قياس المعتمد عند الشيخين في نظيرها سواء أبقي المولود أم لا ; لأن المدار هنا على الحدوث والانفصال في ملك المفلس ولم يوجد إلا في واحد ، وتوقف انقضاء العدة وما شاكله على انفصال الباقي لا ينافي ما ذكرناه لاختلاف المدرك ، فترجيح الشيخ أنها كما لو لم تضع شيئا ليس بظاهر .
والمراد بالمؤبرة ثمرة النخل ، وأما ثمرة غيره فما لا يدخل في مطلق بيع الشجر كان حكمه حكم المؤبرة وما يدخل كغيرها ، فورق الفرصاد والنبق والحناء والآس إن خرج ، والورد الأحمر إن تفتح والياسمين والتين والعنب ، وما أشبهه إن انعقد وتناثر نوره والرمان والجوز إن ظهر مؤبرة وإلا فلا ، فما لا يظهر حالة الشراء وكان كالمؤبرة حالة الرجوع بقي للمفلس وما لا يكون كذلك رجع فيه ( ويرجع البائع في الأصل ) دونها ; لأن الشارع إنما أثبت له الرجوع في المبيع فيقتصر عليه ( فإن كان الولد ) أي ولد الأمة ( صغيرا ) لم يميز ( وبذل ) بالمعجمة ( البائع قيمته أخذه مع أمه ) لامتناع التفريق ، ومال المفلس مبيع كله فأجيب البائع ، والأوجه أنه لا بد من عقد نظير ما يأتي في تملك المعير الغراس والبناء في الأرض المعارة وأنه لا بد من مقارنة هذا العقد للرجوع ، فلا يكفي الاتفاق عليه قبل حذرا من التفريق بينهما إذ هو ممتنع ولو في لحظة كما اقتضاه إطلاقهم ( وإلا ) أي وإن لم يبذلها ( فيباعان ) معا ( وتصرف إليه حصة الأم ) من الثمن وحصة الولد للغرماء فرارا من التفريق الممنوع منه وفيه إيصال كل منهما إلى حقه ، وكيفية التقسيط كما قاله أن تقوم الأم ذات ولد ; لأنها تنقص به وقد استحق الرجوع فيها ناقصة ثم يقوم الولد ويضم قيمة أحدهما إلى قيمة الآخر ويقسم عليهما ( وقيل لا رجوع ) إذ لم يبذل القيمة بل [ ص: 346 ] يضارب لما فيه من التفريق من حين الرجوع إلى البيع ، وفي عبارة الشيخ أبو حامد المصنف قلاقة ، ومعناها أنه إذا لم يبذل البائع قيمة الولد فالأصح أنه تباع الأم والولد معا ويصرف ما يخص الولد إلى المفلس وما يخص الأم للبائع .
والثاني لا يصرف إليه حصة الأم بل يبطل حقه من الرجوع ويضارب بالثمن ( ولو ) بالنصب : أي حاملا عند البيع دون الرجوع بأن انفصل الولد قبله ( فالأصح تعدي الرجوع إلى الولد ) وجه الأصح في الأولى كون الحمل تابعا في البيع فكذا في الرجوع ، ووجه مقابله أن البائع إنما يرجع فيما كان عند البيع ، والحمل ليس كذلك فيرجع في الأم فقط قبل الوضع كما قاله ( كانت ) الدابة المبيعة ( حاملا عند الرجوع دون البيع أو عكسه ) الجويني .
وذكر المصنف في الروضة أنه ظاهر كلام الأكثرين لا بعده على ما ذكره الصيدلاني ، وإنما رجح الوجه الثاني في نظائر المسألة من الرهن والرد بالعيب ورجوع الوالد في الهبة ; لأن الرهن ضعيف ، بخلاف الفسخ لنقله الملك وفي الرد بعيب ورجوع الوالد في هبته ; لأن سبب الفسخ هنا نشأ من جهة المفلس فلم تراع جهته بخلافه ثم .
وأما الصورة الثانية فالخلاف فيها مفرع على كون الحمل يعلم فكأنه باع عينين فيرجع فيهما أو لا يعلم فلا يرجع فيه ، ولما كان الأصح العلم كان الأصح الرجوع ، ولو كانت حاملا عندهما رجع فيها حاملا قطعا ، ولو حدث بينهما وانفصل فقد مر أنه للمشتري وبذلك تكمل للمسألة أربعة أحوال
( واستتار الثمر بكمامه ) بكسر الكاف وهو أوعية الطلع ( وظهوره بالتأبير ) أي تشقق الطلع ( قريب من استتار الجنين وانفصاله ) فإذا كانت الثمرة على النخل المبيعة عند البيع غير مؤبرة ، وعند الرجوع مؤبرة فهي كالحمل عند البيع المنفصل قبل الرجوع فيتعدى الرجوع إليها عن الراجح ( و ) هي ( أولى بتعدي الرجوع ) إليها من الحمل ; لأنها مشاهدة موثوق بها بخلافه ، ولذلك قطع بعضهم بالرجوع فيها ، ولو حدثت الثمرة بعد البيع ، وهي غير مؤبرة عند الرجوع رجع فيها على الراجح لما مر في نظير ذلك من الحمل ، وهذه المسألة لا تتناولها عبارة المصنف كما قاله الشارح دافعا به الاعتراض عليه بأن هذه أولى بعدم تعدي الرجوع ، ولو كانت الثمرة غير مؤبرة عند البيع والرجوع رجع فيها جزما ، ولو حدثت بعد البيع وكانت مؤبرة عند الرجوع فهي للمشتري ، فللمفلس والغرماء تركه إلى وقت الجذاذ من غير أجرة ومتى رجع البائع في الأصل من الشجر أو الأرض وبقيت الثمرة أو الزرع