الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولو تلف الثمن ) حسا أو شرعا نظير ما مر أو تعلق به حق لازم كرهن ( دون المبيع ) واطلع على عيب به ( رده ) إذ لا مانع ( وأخذ مثل الثمن ) إن كان مثليا ( أو قيمته ) إن كان متقوما لأن ذلك بدله ، ومر اعتبار الأقل فيما بين وقت العقد إلى وقت القبض ، أما لو بقي فله الرجوع في عينه سواء أكان معينا في العقد أم عما في الذمة في المجلس أو بعده ، وحيث رجع ببعضه أو كله لا أرش له على البائع إن وجده ناقص وصف [ ص: 45 ] كأن حدث به شلل كما أنه يأخذه بزيادته المتصلة مجانا .

                                                                                                                            نعم إن كان نقصها بجناية أجنبي : أي يضمن كما هو ظاهر المستحق الأرش ، ولو أبرأه من بعض الثمن أو كله ثم رد المبيع بعيب فهل يطالب بذلك أو لا ؟ الأوجه كما هو قياس ما يأتي في الصداق أنه لا يرجع في الإبراء من جميع الثمن بشيء وفي الإبراء من بعضه إلا بالباقي ، ولو وهب البائع للمشتري الثمن فقيل يمتنع الرد وقيل يرد ويطالب ببدل الثمن وهو الأوجه ، ولو أداه أصل عن محجوره رجع بالفسخ للمحجور لقدرته على تمليكه وقبوله له أو أجنبي رجع للمشتري أيضا لا للمؤدي كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : واطلع على عيب به إلخ ) .

                                                                                                                            [ فرع ] لو أعتق المشتري العبد فاطلع البائع على عيب في الثمن ففسخ العقد فهل يرد الثمن المذكور على المشتري ويرجع عليه بقيمته أم يرجع بهذه في بيت المال ؟ فيه نظر ، وقضية كلام الشيخ حمدان في باب الجهاد الثاني وعبارته في معاقدة العلج ما نصه : وإذا أسلمت فالمذهب وجوب بدل لأن إسلامها منع استرقاقها فيعطي قيمتها من بيت المال كما لو فسخ البائع بعيب في الثمن وقد أعتق المشتري المبيع ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وقد يمنع أن مقتضاها ذلك لجواز أن مراده التشبيه في مطلق الرجوع بالبدن وإن اختلف من يرجع عليه به : أي فيكون المراد أن الكافر إذا عوقد على فتح القلعة بجارية منها وأسلمت كان إسلامها بمنزلة إعتاق المشتري للمبيع ، وحكمه أن يرجع البائع عليه بالقيمة إذا اطلع على عيب في الثمن لتعذر الرجوع في عين حقه فيرجع هنا على بيت المال لأنه بمنزلة المشتري ، فكما يرجع عليه البائع ببدل المبيع إذا أعتقه يرجع الكافر على بيت المال ببدل الجارية إذا أسلمت ، وهذا هو الظاهر قياسا على ما لو اطلع على عيب في المبيع فرده على البائع ووجد الثمن تالفا حسا أو شرعا فإنه يرجع على البائع ببدل الثمن وإن كان قد أغلقه كما يصرح به قولهم لو رد المبيع ووجد الثمن تالفا حسا أو شرعا ، وأي فرق بين إعتاق البائع للثمن إذا كان الثمن قنا حيث يرجع على البائع بقيمته وبين ما لو تلف المبيع في يد المشتري بإعتاقه ( قوله أو قيمته ) عبارة الروض : وقيمته في المتقوم لكن في المعين يرد قيمته أقل ما كانت من العقد إلى القبض ا هـ .

                                                                                                                            قال في شرحه : وقوله في المعين من زيادته ولا حاجة إليه بل قد يوهم خلاف المراد لأن التلف إنما يكون في معين ا هـ .

                                                                                                                            وقضية هذا الاعتراض أنه لو كان الثمن متقوما في الذمة عند العقد ثم عينه وأقبضه ثم تلف رد قيمته أقل ما كانت من العقد إلى القبض ا هـ سم على حج ( قوله : ومر اعتبار الأقل ) أي فيقال بمثله هنا ( قوله : أما لو بقي ) أي الثمن فله أي للمشتري ( قوله : الرجوع في عينه ) أي وله العدول بالتراضي إلى بدله على ما يفيده التعبير بله إلخ ( قوله : إن وجده ناقص ) قال في شرح العباب وفارق ما يأتي من أن نقص المبيع أدنى نقص يبطل رد المشترى بعيب قديم لكونه من ضمانه لأنه ثم اختار الرد والبائع هنا لم يختره ومن ثم لو اختار رد الثمن المعين بالعيب انعكس الحكم فيضمن نقص الصفة ولم يضمن المشتري نقص صفة المبيع ا هـ وقوله فيضمن نقص الصفة قضية إطلاقه أن له حينئذ الرد قهرا وقياس [ ص: 45 ] البيع خلافه ا هـ سم على حج ( قوله : كأن حدث به ) أي الثمن ( قوله : إن كان نقصها ) أي القيمة نقص صفة ( قوله : استحق الأرش ) أي على البائع وهو له الرجوع على الأجنبي ( قوله : وهو الأوجه ) والفرق بينه وبين الإبراء أن البائع تحصل على شيء في الهبة من جهة المشتري ثم وهبه له بخلافه في الإبراء فإن البائع لم يدخل في يده شيء من جهة المشتري حتى يرده أو بدله له ( قوله رجع للمشتري ) خلافا لحج ( قوله : كما أفتى به الوالد ) وعليه فما الفرق بينه وبين الصداق حيث قالوا : يرجع الصداق للزوج إن أدى عن نفسه أو أداه عنه وليه ويرجع للدافع إن تبرع به عن الزوج ولعله أن الثمن في مقابلة المبيع وقد دخل في ملك المشتري حقيقة وهو يستدعي دخول الثمن في ملك المشتري حقيقة كذلك ثم ينتقل منه إلى البائع والصداق لما كان في مقابلة البضع والزوج لا يملكه وإنما يستحق الانتفاع به لم يكن ثم سبب قوي يقتضي دخوله في ملكه فكأنه بفسخ العقد يتبين إن لم يخرج عن ملك الأجنبي فرجع له فتأمله فإنه دقيق .




                                                                                                                            الخدمات العلمية