الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وإن ) ( جرى ) البيع ثم أريد القبض والمبيع ( في دار البائع ) يعني في محل له الانتفاع به ولو بنحو إجارة وعارية ووصية ووقف ( لم يكف ذلك ) النقل في قبضه ( إلا بإذن البائع ) فيه لأن يد البائع عليها وعلى ما فيها تبعا .

                                                                                                                            نعم لو كان يتناول باليد [ ص: 98 ] عادة فتناوله ثم أعاده كفى ، لأن قبض هذا لا يتوقف على نقل آخر فاستوت فيه الأحوال كلها ( فيكون ) مع حصول القبض ( معيرا للبقعة ) التي أذن في النقل إليها كما لو استعارها من غيره ، وقوله لم يكف محله بالنسبة إلى التصرف ، أما بالنسبة إلى حصول الضمان فإنه يكون كافيا لاستيلائه عليه ، وكذا لو أذن له في مجرد التحويل وإن لم يكن له حق الحبس فيما يظهر خلافا لبعض المتأخرين ، هذا كله في منقول بيع بلا تقدير ، فإن بيع بتقدير فسيأتي ، ولا يشكل على ما تقرر من كونه معيرا للبقعة بالإذن وإن كان الاستحقاق بعارية مع أن المستعير لا يعير لما يأتي أن له إقامة من يستوفي له المنفعة لأن الانتفاع راجع إليه ، وما هنا من هذا إذ النقل للقبض انتفاع يعود للبائع ببراءته عن الضمان فيكفي إذنه فيه ولم يكن محض إعارة حتى يمتنع ، وحينئذ فتسميته في هذه معيرا باعتبار الصورة لا الحقيقة ، ولو جرى والمبيع في دار أجنبي لم يظن رضاه اشترط إذنه أيضا كذا قيل ، والمعتمد خلافه فقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى بالاكتفاء بنقله في المغصوب ، بخلاف المشترك بين البائع وغيره ولو المشترى فلا بد من إذنه لأن له يدا عليه وعلى ما فيه فتستصحب لترجحها بأن الأصل عدم القبض ولأن العرف لا يعده قبضا ، وقد صرح بشمول المكان المغصوب الإسنوي ووضع البائع المبيع بين يدي المشتري بقيده المار أول الباب قبض وإن نهاه .

                                                                                                                            نعم لو خرج مستحقا لم يضمنه لأنه لم يضع يده عليه ، وضمان اليد لا بد فيه من حقيقة وضعها ، وقبض الجزء الشائع بقبض الجميع [ ص: 99 ] والزائدة أمانة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : والمبيع في دار البائع ) دخل فيه ما لو كانت الدار للبائع ولكنها مغصوبة منه تحت يد المشتري ، وعليه فلا بد من إذن البائع في نقل المبيع إلى موضع منها ، وقد يقال : لا يتوقف على إذنه لأن يد الغاصب لم تزل عنها فلا تعد يد البائع عليها من حيث الملك مانعة من دخول المبيع في يد المشتري ( قوله له الانتفاع به ) أي دون المشتري فلا يرد الموات ونحوه ، [ ص: 98 ] لكنه يخرج ما لو كانت الدار مغصوبة بيد البائع فلا يتوقف النقل فيها على إذن البائع لأنه لا يد له على المكان فنقل المشتري له فيه بلا إذن كنقله إلى مغصوب بيد آخر وهو كاف ( قوله : ثم أعاده ) مجرد تصوير وإلا فالحكم كذلك وإن لم يعده ( قوله : معيرا للبقعة ) قال حج : قال القاضي وتبعوه وكنقله بإذنه نقله إلى متاع مملوك له أو معار في حيز يختص البائع به ، ومحله أن وضع ذلك المملوك أو المعار في ذلك الحيز بإذن البائع كما هو ظاهر ا هـ .

                                                                                                                            أقول : وقضية كلام شرح المنهج خلافه ، سيما وقد قال : ويمكن دخوله أي المتاع في قوله ما لا يختص بائع به لصدقه بالمتاع وهو من حيث المعنى ظاهر لأنه أذن في وضع المتاع في المكان كأن وضع المتاع فيه في الحقيقة بإذن البائع فلا يحسن قوله وكنقله بإذنه نقله إلى متاع مملوك له أو معار إلخ ( قوله أما بالنسبة إلى حصول الضمان ) أي ضمان يد فإن تلف انفسخ العقد وسقط الثمن ( قوله : وكذا ) أي فلا يكفي ( قوله : لو أذن له ) قال سم على حج : وينبغي أن الأمر كذلك إذا لم يحصل إذن مطلقا ( قوله : فيما يظهر ) نقل سم على منهج التقييد بما إذا كان له حق الحبس عن شرح الروض ووجهه ، ثم قال : لكن في تخييلي أن مر نقل عن والده واعتمده خلاف هذا القيد : أي فلا يكفي مجرد الإذن في النقل سواء كان له حق الحبس أو لا ا هـ ( قوله : وإن كان الاستحقاق ) أي للبائع ( قوله : باعتبار الصورة ) قضية هذا أنها لو تلفت البقعة تحت يد المشتري لم يضمن ، وهو ظاهر لما ذكره من أنه في الحقيقة نائب في استيفاء المنفعة عن المستعير ( قوله فلا بد من إذنه ) أي ولا يتوقف على إذن شريكه ( قوله : بقيده المار ) وهو كونه بحيث يمكن تناوله باليد وعلم به ولا مانع ( قوله : لم يضمنه ) أي المشتري وإن أمره بوضعه .

                                                                                                                            ( قوله : وقبض الجزء الشائع ) خرج به المعين فلا يصح قبضه إلا بقطعه سواء كانت تنقص قيمته بقطعه أم لا ، ولعل وجهه أن المعين لما كان المقصود من العقد عليه الانتفاع به وحده اشترط لصحة قبضه قطعه ليحصل المقصود به ، بخلاف الشائع فإنه لا يتأتى الانتفاع به وحده وإنما يكون [ ص: 99 ] بجملة ما هو جزء منه فجعل قبضه بقبض الجميع ، لكن في سم على منهج عند قول المصنف أول المبيع ولا يصح بيع جزء معين تنقص بفصله قيمته أو قيمة الباقي ما حاصله أنه قد يقال ما المانع من حصول قبض الجزء المعين بقبض الجملة فلا يتوقف قبض الجزء على قطعه ( قوله والزائد أمانة ) أي إذا قبضها لنقل يد البائع عنها فقط ، أما إن قبضها لينتفع بها بإذن من الشريك وجعل علفها في مقابلة الانتفاع بها فإجارة فاسدة ، فإن تلفت بلا تقصير لم تضمن ، وإن أذن له في الانتفاع بها لا في مقابلة شيء فعارية ، وإن وضع يده عليها بلا إذن فغاصب كما ذكره ابن أبي شريف



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            . ( قوله : في محل له الانتفاع به ) شمل نحو الشارع وليس مرادا كما هو ظاهر إلا أن يقال مراده [ ص: 98 ] بالانتفاع أخص من مجرد الارتفاق بقرينة قوله بنحو إلخ . ( قوله : لا يتوقف على نقل إلخ ) عبارة التحفة : لا يتوقف على نقل لمحل آخر فاستوت فيه المحال كلها انتهت : أي فلا يشرط نقله عن محل البائع . ( قوله : مع أن المستعير لا يعير ) [ ص: 99 ] يجب حذف لفظ مع إذ ما بعده هو فاعل يشكل كما يعلم بمراجعة عبارة التحفة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية