الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وتصح بالدين اللازم عليه ) وإن كان سببهما مختلفا ككون أحدهما ثمنا والآخر أجرة ، ومراده باللازم ما يشمل ذلك ، ولو مآلا بدليل قوله الآتي وبالثمن في مدة الخيار ، والقول بأنه إنما حذفه لئلا يشمل حوالة السيد على مكاتبه بالنجوم غير صحيح ; إذ مال الكتابة لا يلزم بحال ، ولا بد مع كونه لازما وهو ما لا يدخله خيار من كونه مستقرا وهو ما يجوز الاستبدال عنه فلا تصح بدين سلم [ ص: 424 ] أو نحو جعالة ولا عليه لا ما يتطرق إليه انفساخ بتلف مقابله

                                                                                                                            ولا تصح بدين الزكاة كما نقله جمع عن المتولي واعتمدوه وكذا عليه إن قلنا بيع وهو ظاهر لعدم جواز الاعتياض عنها في الجملة خلافا لمن جوز حوالة الساعي بها على المالك إن كان النصاب تالفا ; لأن الحوالة بيع والساعي يجوز له بيع مال الزكاة .

                                                                                                                            وأما الزكاة فنقلا عن المتولي امتناع حوالة المالك بها إن قلنا بيع وهو ظاهر أيضا ، وإن نازع فيه بعض الشارحين بأنها مع تعلقها بالعين تتعلق بالذمة ; لأن تعلقها بالذمة أمر ضعيف لا يلتفت إليه مع وجود العين كيف والمستحق ملك جزءا منها وصار شريكا للمالك به فالأوجه عدم صحة الحوالة بها وعليها لذلك ، ثم وصف الدين ولم يبال بالفاصل ; لأنه غير أجنبي بقوله ( المثلي ) كنقد وحبوب وقيل : لا تصح إلا بأثمان فقط ، قاله في الكفاية ( وكذا المتقوم ) بكسر الواو ( في الأصح ) لثبوته في الذمة ولزومه ، والثاني لا إذ المقصود من الحوالة إيصال الحق من غير تفاوت ولا يتحقق فيما لا مثل له

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ومراده باللازم ) الأولى بقاؤه على حقيقته ، وهو ما لا خيار فيه ; لأن الآيل إلى اللزوم في صحة الحوالة به وعليه خلاف كما يأتي وما هنا مقطوع به ، ثم رأيت في سم حج ما نصه : قوله : وأراد إلخ قد يقال بل أراد الظاهر بدليل إفراد القول المذكور فتأمله ، على أن إرادة ما ذكر ينافيها قوله وهو ما لا يدخله خيار فتأمله وهو عين ما قلناه

                                                                                                                            ( قوله : لئلا يشمل إلخ ) قد يقال : لا محذور في شمول العكس ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : فلا تصح بدين سلم ) سيأتي لنا في الضمان صحة ضمان دين السلم ا هـ سم على حج ، وعليه فالفرق بينهما أن الحوالة بيع فصحتها تؤدي [ ص: 424 ] إلى الاعتياض عن المسلم فيه

                                                                                                                            ( قوله : أو نحو جعالة ) أي قبل الفراغ ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : ولا تصح بدين الزكاة ) أي بالدين الذي هو بدل الزكاة بأن يكون النصاب تالفا وقد تمكن من الإخراج قبل تلفه ا هـ

                                                                                                                            ( قوله : لعدم جواز إلخ ) قضية شرح الروض ونحوه كشرح العباب التعليل بهذا لما قبل كذا أيضا وفصله هنا له يفهم خلاف ذلك ا هـ سم على حج .

                                                                                                                            وقد يجاب عن الفصل بأنه لما نقل ما قبل كذا عن غيره جازما به لم يحتج لتوجيهه ، بخلاف ما بعد كذا فليس اقتصاره في التعليل على الثانية احترازا عن الأولى على أن الظاهر رجوع التعليل لكل منهما

                                                                                                                            ( قوله : لعدم جواز الاعتياض عنها في الجملة ) كأن يخرج عن الذهب فضة أو عكسه ، وكأنه احترز به عما لو كان النصاب باقيا وأخرج من غيره من جنسه فإنه جائز وإن تعلق حق الفقراء بعين المال بناء على الأصح من أن الزكاة تتعلق بالمال تعلق الشركة

                                                                                                                            ( قوله : في الجملة ) أي في غالب الصور ا هـ سم على حج

                                                                                                                            ( قوله : وأما الزكاة ) قسيم قوله دين الزكاة ، وصورته هنا أن يكون النصاب باقيا

                                                                                                                            ( قوله : لذلك ) أي لقوله والمستحق ملك جزءا منها إلخ ( قوله : ولزومه ) عطف بيان



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : إذ مال الكتابة لا يلزم بحال ) قال الشهاب حج : هذا فاسد إلا إن أريد من جهة العبد . ( قوله : وهو ما لا يدخله خيار ) لعل المراد من هذه العبارة ما لم يكن موكولا إلى الخيرة أبدا [ ص: 424 ] قوله : أو نحو جعالة ) تمثيل لغير اللازم . ( قوله : لا ما يتطرق ) صوابه ما لا يتطرق ، فلعل لفظ لا سقط من الكتبة ( قوله : لا ما يتطرق إليه انفساخ ) عطف على قوله ما يجوز الاستبدال عنه ، وغرضه من ذلك دفع ما قيل إن ما أطلقه الشيخان في اشتراط الاستقرار غير مستقيم ; لأن الأجرة قبل مضي المدة غير مستقرة ، وكذلك الصداق قبل الدخول والموت ، والثمن قبل قبض المبيع ونحو ذلك ، ومع ذلك تصح الحوالة بها وعليها . ( قوله : ولا تصح بدين الزكاة ) أي إن كان النصاب تالفا كما يعلم مما يأتي ، وسيأتي أن الزكاة : أي مع وجود النصاب كذلك . ( قوله : في الجملة ) يعني [ ص: 425 ] في غالب الصور كما في الإيعاب




                                                                                                                            الخدمات العلمية