[ ص: 421 ] كتاب الحوالة بفتح الحاء أفصح من كسرها من التحول والانتقال .
وفي الشرع : عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى ذمة ، وقد تطلق على انتقاله من ذمة إلى أخرى .
والأصل فيها قبل الإجماع ما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { } وتفسره رواية مطل الغني ظلم ، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع { البيهقي } ويؤخذ منه صراحة ما في الخبر في الحوالة ; إذ هو رديفها ، وهي بيع دين بدين جوز للحاجة لأن كلا ملك بها ما لم يملكه قبل ، فكأن المحيل باع المحتال ماله في ذمة المحال عليه بما للمحتال في ذمته : أي الغالب عليها ، ومقتضى كونها [ ص: 422 ] بيعا صحة الإقالة فيها ، وهو ما أفتى به وإذا أحيل أحدكم على مليء فليحتل البلقيني أخذا من كلام الخوارزمي ، وهو مردود بتصريح الرافعي أول الفلس في أثناء تعليل بامتناعها فيها ، وجرى عليه المتولي والقمولي والسبكي ومقتضاه أيضا اشتراط إسنادها لجملة المخاطب كما مر نظيره في البيع ولو لمحجوره مثلا كأحلتك لابنتك على ذمتك بما وجب لها علي فيما لو طلقها على مبلغ في ذمته مثلا ، بخلاف أحلت ابنتك بكذا إلى آخره ك بعت موكلك ، ويعتبر لصحة الحوالة على أبيها أو غيره وجود مصلحتها فيها ، والعلم بقدر ما لزمه لها بها .
ولها محيل ومحتال ومحال عليه ودين للمحيل على المحال عليه وللمحتال على المحيل وإيجاب وقبول ، كأحلتك على فلان بكذا وإن لم يقل بالدين الذي لك علي ولم ينوه فهو صريح كما اقتضاه كلامهم خلافا أركان للبلقيني ومن تبعه ، ولا يعارضه ما يأتي آخر الباب من تصديق نافي إرادة الحوالة ; لأنه صريح يقبل الصرف ، ولا يتعين لفظ الحوالة بل يكفي ما يؤدي معناها ك نقلت حقك إلى فلان أو جعلت ما أستحقه على فلان لك أو ملكتك الدين الذي عليه بحقك ، ولو قال : أحلني فكقوله : بعني ولا تنعقد بلفظ البيع ، ولو نواها [ ص: 423 ] على الأصح خلافا لبعضهم إذ الاعتبار في العقود باللفظ لا بالمعنى ( ) أي لصحتها ( رضا المحيل ) لأن له إيفاء الحق من حيث شاء لكونه مرسلا في ذمته ، فلم يتعين لقضائه محل معين ( والمحتال ) ; لأن حقه في ذمته فلا ينتقل لغيره بغير رضاه لتفاوت الذمم ، والخبر المذكور للاستحباب ، وصرفه عن الوجوب القياس على سائر المعاوضات ويعتبر لاستحباب قبولها كما بحثه يشترط لها الأذرعي أن تكون على مليء وفي ، وكون ماله طيبا ليخرج المماطل ، ومن في ماله شبهة
ومراده بالرضا ما مر من الصيغة وتنبيها على عدم وجوبها على المحتال وتوطئة لقوله ( لا المحال عليه في الأصح ) فلا يعتبر رضاه ; لأنه محل الحق والتصرف كالرقيق المبيع ، ولأن الحق للمحيل فلم يتعين استيفاؤه بنفسه كما له أن يوكل والثاني يشترط رضاه بناء على أنها استيفاء