للتركيب خمسة معان
فإن التركيب يطلق، ويراد به خمسة معان:
الأول: تركيب الذات من الوجود والماهية عند من يجعل وجودها زائدها على ماهيتها.
فإذا نفيت هذا التركيب، جعلته وجودا مطلقا، إنما هو في الأذهان، ولا وجود له في الخارج والأعيان.
والثاني: تركيب الماهية من الذات والصفات.
فإذا نفيت هذا التركيب، جعلته ذاتا مجردة من كل وصف لا يبصر، ولا يسمع، ولا يعلم، ولا يقدر، ولا يريد، ولا حياة له، ولا مشيئة، ولا صفة له أصلا.
فكل ذات في المخلوقات أولى من هذه الذات.
فاستفدت بنفي هذا التركيب كفرك بالله، وجحدك لذاته، وصفاته، وأفعاله.
والثالث: تركيب الماهية الجسمية من الهيولى، والصورة؛ كما يقوله الفلاسفة
والرابع: تركيبها من الجواهر الفردة؛ كما يقوله كثير من أهل الكلام.
والخامس: تركيب الماهية من أجزاء متفرقة اجتمعت، وركبت.
فإن أردت بقولك: لو كان فوق العرش، لكان مركبا كما يدعيه الفلاسفة [ ص: 107 ] والمتكلمون، قيل لك: جمهور العقلاء -عندهم- أن الأجسام المحدثة المخلوقة ليست مركبة، لا من هذا، ولا من هذا.
فلو كان فوق العرش جسم مخلوق محدث، لم يلزم أن يكون مركبا بهذا الاعتبار.
فكيف يلزم ذلك في حق خالق المركب الذي يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويؤلف بين الأشياء، فيركبها كما يشاء؟! والعقل إنما دل على إثبات إله واحد، ورب واحد لا شريك له، ولا شبيه له، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد.
ولم يدل على أن ذلك الرب الواحد لا اسم له، ولا صفة، ولا وجه، ولا يدين، ولا هو فوق خلقه، ولا يصعد إليه شيء، ولا ينزل منه شيء.
فدعوى ذلك على العقل كذب صريح عليه، كما هي كذب صريح على الوحي: