الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
أصناف الناس في فهمهم منفعة العبادة ، وحكمتها

الصنف الأول : نفاة الحكم ، والعلل الذين يردون الأمر إلى نفس المشيئة ، وصرف الإرادة :

فهؤلاء عند القيام بها ليس إلا لمجرد الأمر من غير أن تكون سببا لسعادة في معاش ، أو معاد ، أو سببا لنجاة .

وإنما القيام بها لمجرد الأمر ، ومحض المشيئة كما قالوا في الخلق : لم يخلق لغاية ، ولا لعلة هي المقصودة به ، ولا لحكمة تعود إليه منه ، وليس في المخلوقات أسباب تكون مقتضيات لمسبباتها ، وليس في النار سببية الإحراق ، ولا في الماء قوة الإغراق ، ولا التبريد .

وهكذا الأمر عندهم سواء ، لا فرق بين الخلق والأمر ، ولا فرق في نفس الأمر بين المأمور والمحظور . [ ص: 323 ]

ولكن المشيئة اقتضت أمره بهذا، أو نهيه عن هذا ، من غير أن يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه ، ولا بالمنهي صفة تقتضي قبحه .

ولهذا الأصل لوازم ، وفروع كثيرة .

وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ، ولا لذتها ، ولا يتنعمون بها .

ولهذا يسمون الصلاة والصيام ، والزكاة ، والحج ، والتوحيد ، والإخلاص ونحو ذلك: تكاليف ؛ أي : كلفوا بها .

ولو سمى مدع محبة ملك من الملوك ، أو غيره ما يأمره به تكليفا ، لم يعد محبا له ، وأول من صدرت عنه هذه المقالة : الجعد بن درهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية