الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبالجملة : فالميل إلى صقع الجبروت ، ووجوب العمل بما يفك وثاقه من مزاحمة اللطائف السفلية ، والمؤاخذة على ترك هذا العمل بمنزلة أحكام الصورة النوعية ، وقواها ، وآثارها الفائضة في كل فرد من أفراد النوع من بارئ الصور ، ومفيض الوجود وفق المصلحة الكلية ، لا باصطلاح البشر ، والتزامهم على أنفسهم ، وجريان رسومهم بذلك فقط .

وكل هذه الأعمال في الحقيقة حق هذه اللطيفة النورانية المنجذبة إلى الله تعالى ، وتوفير مقتضاها ، وإصلاح عوجها .

ولما كان هذا المعنى دقيقا ، وهذه اللطيفة لا تدركها إلا شرذمة قليلة ، وجب أن ينسب الحق إلى ما إليه مالت ، وإياه قصدت ، ونحوه انتحت ، كان ذلك تعيينا لبعض قوى النفس التي مالت من جهته ، وكان ذلك اختصار قولنا : حق هذه اللطيفة من جهة ميلها إلى الله .

فنزلت الشرائع الإلهية كاشفة عن هذا السر بعبارة سهلة يفهمها البشر بعلومهم الفطرية ، ويعطيها سنة الله من إنزال المعاني الدقيقة في صور مناسبة لها بحسب النشأة المثالية ، كما يتلقى واحد منا في منامه معنى مجردا في صورة شيء ملازم له في العادة ، أو نظيره ، وشبهه ، فقيل : العبادة حق الله تعالى على عباده . [ ص: 273 ]

وعلى هذا ينبغي أن يقاس حق القرآن ، وحق الرسول ، وحق المولى ، وحق الوالدين ، وحق الأرحام .

فكل ذلك حق نفسه على نفسه لتكمل كمالها ، ولا تقترف على نفسها جورا .

ولكن نسب الحق إلى من معه هذه المعاملة ، ومنه المطالبة .

فلا تكن من الواقفين على الظواهر ، بل من المحققين للأمر على ما هو عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية