الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي قوله : إلا من خطف الخطفة [الصافات : 10] ونحوها من الآيات ، فباب الكهانة قد ورد بيانه في هذه الشريعة ، وأنه كان طريقا لبعض الغيب بواسطة استراق الشياطين ، حتى منعوا ذلك بالبعثة النبوية - على صاحبها الصلاة والسلام والتحية - .

قالوا : وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا [الجن : 9 - 10] .

فباب الكهانة في الوقت الذي كانت فيه مخصوص بأدلته ، فهو من جملة ما يخصص به هذا العموم ، فلا يرد ما زعمه من إيراد الكهانة على هذه الآية .

وأما حديث المرأة الذي أورده ، فحديث خرافة ، ولو سلم وقوع شيء مما حكاه عنها من الأخبار ، لكان من باب ما ورد في الحديث: «إن في هذه الأمة [ ص: 434 ] محدثين ، وإن منهم عمر » ، فيكون كالتخصيص لعموم هذه الآية ، لا نقضا .

وأما ما اجترى به على الله وعلى كتابه ، من قوله في آخر كلامه : فلو قلنا : إن القرآن يدل على خلاف هذه الأمور المحسوسة ، لتطرق الطعن إلى القرآن .

فيقال له : ما هذه بأول زلة من زلاتك ، وسقطة من سقطاتك .

وكم لها لديك من أشباه وأمثال نبض بها عرق فلسفتك ، وركض بها الشيطان الذي صار يتخبطك في مباحث تفسيرك .

يا عجبا لك ! أيكون ما بلغك من خبر هذه المرأة ونحوه موجبا لتطرق الطعن إلى القرآن ؟ ! وما أحسن ما قاله بعض أدباء عصرنا :

وإذا رامت الذبابة للشمس غطاء مدت عليها جناحا

وقلت من أبيات منها :


مهب رياح سده بجناح     وقابل بالمصباح ضوء صباح .

التالي السابق


الخدمات العلمية