الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4899 125 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ، ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ، وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدى إليه شطره .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : ( ولا تأذن في بيته إلا بإذنه ) وهذا السند بعينه قد مر غير مرة لمتون مختلفة .

                                                                                                                                                                                  وأبو اليمان الحكم بن نافع ، وشعيب هو ابن أبي حمزة دينار الحمصي ، وأبو الزناد بكسر الزاي وتخفيف النون عبد الله بن ذكوان ، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه النسائي في الصوم عن محمد بن علي بن ميمون عن أبي اليمان بقصة الصوم .

                                                                                                                                                                                  وهذا الحديث مشتمل على ثلاثة أحكام : الأول في صوم المرأة تطوعا وقد مر عن قريب ، الثاني : قوله : ( ولا تأذن في بيته ) أي لا تأذن المرأة في بيت زوجها لا لرجل ولا لامرأة يكرهها زوجها ; لأن ذلك يوجب سوء الظن ويبعث على الغيرة التي هي سبب القطيعة ، وفي رواية مسلم من طريق همام عن أبي هريرة : وهو شاهد إلا بإذنه ، وهذا القيد لا مفهوم له بل خرج مخرج [ ص: 186 ] الغالب وإلا فغيبة الزوج لا تقتضي الإباحة للمرأة أن تأذن لمن يدخل بيته بل يتأكد حينئذ عليها المنع لورود الأحاديث الصحيحة في النهي عن الدخول على المغيبات أي من غاب زوجها وأما عند الداعي للدخول عليها للضرورة كالإذن لشخص في دخول موضع من حقوق الدار التي هي فيها أو إلى دار منفردة عن مسكنها أو الإذن لدخول موضع معد للضيفان فلا حرج عليها في الإذن بذلك ; لأن الضرورات مستثناة في الشرع ، الثالث : قوله : ( وما أنفقت ) أي المرأة من نفقة عن غير أمر زوجها فإنه يؤدى إليه شطره أي نصفه والمراد به نصف الأجر وقد جاء واضحا في رواية همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فله نصف أجره " وقد مر في أوائل البيوع في باب قول الله تعالى : أنفقوا من طيبات ما كسبتم وفي رواية أبي داود : فلها نصف أجره ، وقال الخطابي : قوله يؤدى إليه شطره محمول على المال المنفق وإنه يلزم المرأة إذا أنفقت بغير أمر زوجها زيادة على الواجب لها أن تغرم القدر الزائد وأن هذا هو المراد بالشطر في الخبر ; لأن الشطر يطلق على النصف وعلى الجزء ، وقال الكرماني : فكل ما أنفقت على نفسها من ماله وبغير إذنه فوق ما يجب لها من القوت بالمعروف غرمت شطره يعني قدر الزيادة على الواجب لها ، وقال صاحب التلويح : معنى يؤدى إليه شطره ، يتأدى إليه من أجر الصدقة مثل ما يتأدى إلى المتصدقة من الأجر ويصيران في الأجر نصفين سواء ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم : " الدال على الخير كفاعله " وهذا يقتضي المساواة ، وقال ابن المرابط : وهذه النفقة هي الخارجة عن المعروف الزائدة على العادة بدليل قصة هند بالمعروف ، وحديث : إن للخازن فيما أنفق أجرا وللزوجة أجرا ، يعني بالمعروف وهذا النصف يجوز أن يكون النصف الذي أبيح لها أن تتصدق به بالمعروف ، وقال الكرماني : وأما ما روى البخاري أعني حديثا آخر فيخالف معناه وهو أنه قال : إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها من غير أمره فله نصف أجره ، فهو إنما يتأول على أن تكون المرأة قد خلطت الصدقة من ماله بالنفقة المستحقة لها حتى كانا شطرين ، قلت : هذا لا يدفع أن يكون غرامة زيادة ما أنفقت لازمة لها إن لم تطب نفس الزوج بها ، وروى ابن الجوزي من حديث ليث عن عطاء عن ابن عمر وابن عباس رضي الله تعالى عنهم : لا تتصدق المرأة من بيته بشيء إلا بإذنه فإن فعلت كان له الأجر وعليها الوزر ولا تصوم يوما إلا بإذنه فإن فعلت أثمت ولم تؤجر . وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه سئل : المرأة تتصدق من مال زوجها قال لا إلا من قوتها والأجر بينهما وأما من ماله فلا .

                                                                                                                                                                                  ورواه أبو الزناد أيضا عن موسى عن أبيه عن أبي هريرة في الصوم .

                                                                                                                                                                                  أي روى الحديث المذكور أبو الزناد عبد الله بن ذكوان عن موسى بن أبي عثمان الذي يقال له التبان بالتاء المثناة من فوق والباء الموحدة الثقيلة واسمه سعيد ويقال له عمران وهو مولى المغيرة بن شعبة ليس له في البخاري سوى هذا الموضع وأشار بهذا إلى أن رواية شعيب عن أبي الزناد عن الأعرج اشتملت على ثلاثة أحكام كما ذكرنا وأن لأبي الزناد أيضا إسنادا آخر عن موسى المذكور في الصوم خاصة وهو معنى قوله في الصوم ، ووصل هذه الرواية أحمد والنسائي والدارمي والحاكم من طريق الثوري عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان بقصة الصوم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية