الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال ابن عباس : جعل الله الطلاق بعد النكاح .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا تعليق رواه ابن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس بلفظ " لا طلاق إلا بعد نكاح ، ولا عتق إلا بعد ملك " انتهى ، هذا لا خلاف فيه أن الله جعل الطلاق بعد النكاح ، والحنفية قائلون به ، فلا يجوز للشافعية أن يحتجوا به عليهم في مسألة التعليق ، فإن تعليق الطلاق غير الطلاق لأنه ليس بطلاق في الحال ، فلا يشترط لصحته قيام المحل .

                                                                                                                                                                                  وحكى أبو بكر الرازي عن الزهري في قوله " لا طلاق إلا بعد نكاح " ، قال : هو الرجل يقال له تزوج فلانة فيقول هي طالق ، فهذا ليس بشيء ، فأما من قال إن تزوجت فلانة فهي طالق - فإنما تطلق حين يتزوجها .

                                                                                                                                                                                  وروى عبد الرزاق في مصنفه فقال : أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق وكل أمة أشتريها فهي حرة كما قال ، فقال معمر : أوليس قد جاء " لا طلاق قبل النكاح ولا عتق إلا بعد ملك " ؟ قال : إنما ذلك أن يقول الرجل امرأة فلان طالق ، وعبد فلان حر ! واحتج بعضهم أيضا بما رواه ابن خزيمة والبيهقي من طريقه عن سعيد بن جبير قال : سئل ابن عباس عن الرجل يقول إن تزوجت فلانة فهي طالق ، قال : ليس بشيء ، إنما الطلاق لما ملك . قالوا : فابن مسعود كان يقول إذا وقت وقتا فهو كما قال ! قال : رحم الله أبا عبد الرحمن ، لو كان كما قال لقال الله تعالى : إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن . انتهى ، قالوا : الآية دلت على أنه إذا وجد النكاح ثم طلق قبل المسيس فلا عدة ، ولم تتعرض الآية لصورة النزاع أصلا . وقال الطحاوي : قال - صلى الله عليه وسلم - لعمر رضي الله تعالى عنه : حبس الأصل وسبل الثمرة - فدل على جواز المعقود فيما لم يملكه وقت العقد بل فيما يستأنف ، وأجمعوا على أن لو أوصى بثلث ماله أنه يعتبر وقت الموت لا وقت الوصية ، وقال تعالى : ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن فهذا نظير إن تزوجت فلانة فهي طالق . وفي الاستذكار : لم يختلف عن مالك أنه إن عمم لم يلزمه ، وإن سمى امرأة أو أرضا أو قبيلة لزمه . وبه قال ابن أبي ليلى والحسن [ ص: 247 ] ابن صالح والنخعي والشعبي والأوزاعي والليث ، وروي عن الثوري .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن أبي شيبة : حدثنا عبد الله بن نمير وأبو أسامة ، عن يحيى بن سعيد قال : كان القاسم وسالم وعمر بن عبد العزيز يرون الطلاق جائزا عليه إذا عين . وقال : حدثنا أبو أسامة ، عن عمر بن حمزة أنه سأل القاسم بن محمد وسالما وأبا بكر بن عبد الرحمن وأبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وعبد الله بن عبد الرحمن عن رجل قال يوم أتزوج فلانة فهي طالق ألبتة ، فقالوا كلهم : لا يتزوجها . وقال أيضا : حدثنا حفص بن غياث ، عن عبيد الله بن عمر قال : سألت القاسم عن رجل قال يوم أتزوج فلانة فهي طالق ، قال : هي طالق .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية