الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4726 33 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، عن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها ، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، وكأن الرجل يتقالها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة كذا هو في الموطإ ، ورواه أبو صفوان الأموي ، عن مالك فقال : عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، عن أبيه ، أخرجه الدارقطني والصواب هو الذي في الصحيح ، وكذا قال النسائي : الصواب عبد الرحمن بن عبد الله ، بعدما روي هذا الحديث .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أن رجلا سمع رجلا " الرجل السامع كان أبو [ ص: 33 ] سعيد الخدري راوي الحديث ، والرجل القارئ قتادة بن النعمان ، قوله : " يرددها " أي : يكررها ، قوله : " يتقالها " بتشديد اللام أي : يعد أنها قليلة ، وفي رواية ابن الطباع كأنه يقللها ، وفي رواية يحيى القطان ، عن مالك : فكأنه يستقلها ، والمراد استقلال قراءته لا التنقيص ، قوله : " إنها " أي : إن قراءة قل هو الله أحد لتعدل ثلث القرآن .

                                                                                                                                                                                  واختلف في معناه فقال المازري : القرآن ثلاثة أنحاء : قصص وأحكام وصفات الله عز وجل ، وهذه السورة متمحضة للصفات ، وهي ثلث وجزء من الثلاثة ، وقيل : ثوابها يضاعف بقدر ثواب ثلث القرآن بغير تضعيف ، وقيل : القرآن لا يتجاوز ثلاثة أقسام : الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى ومعرفة أسمائه وصفاته ومعرفة أفعاله وسننه ، ولما اشتملت هذه السورة على التقديس وازنها رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بثلث القرآن ، وقيل : إن من عمل بما تضمنته من الإقرار بالتوحيد والإذعان بالخالق كمن قرأ ثلث القرآن ، وقيل : قال ذلك لشخص بعينه قصده رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وقال أبو عمر : نقول بما ثبت عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا نعده ، ونكل ما جهلناه من معناه فنرده إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ، ولا ندري لم تعدل هذه ثلث القرآن ، وقال ابن راهويه : ليس معناه أن لو قرأ القرآن كله كانت قراءة قل هو الله أحد تعدل ذلك إذا قرأها ثلاث مرات لا ولو قرأها أكثر من مائتي مرة ، وقال أبو الحسن القابسي : لعل الرجل الذي بات يرددها كانت منتهى حفظه فجاء يقلل عمله ، فقال له سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنها لتعدل ثلث القرآن ترغيبا في عمل الخير وإن قل ، ولله عز وجل أن يجازي عبده على اليسير بأفضل مما يجازي الكثير ، وقال الأصيلي : معناه يعدل ثوابها ثواب ثلث القرآن ليس فيه قل هو الله أحد

                                                                                                                                                                                  وأما تفضيل كلام ربنا بعضه على بعض فلا ; لأنه كله صفة له ، وهذا ماش على أحد المذهبين أنه لا تفضيل فيه ، ونقله المهلب عن الأشعري وأبي بكر بن أبي الطيب وجماعة علماء السنة ، فإن قلت : في مسند ابن وهب ، عن ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه أنه قال : بات قتادة بن النعمان يقرأ قل هو الله أحد حتى أصبح فذكرها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن أو نصفه ، قلت : قال أبو عمر : هذا شك من الراوي لا يجوز أن يكون شكا من النبي صلى الله عليه وسلم على أنها لفظة غير محفوظة في هذا الحديث ولا في غيره ، والصحيح الثابت في هذا الحديث وغيره أنها لتعدل ثلث القرآن من غير شك ، وقد روى ثلث القرآن جماعة من الصحابة رضي الله تعالى عنهم : أبي بن كعب وعمر ذكرهما أبو عمر وأبو أيوب وأبو مسعود الأنصاري وسماك ، عن النعمان بن بشير وأبان ، عن أنس .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية