الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5005 54 - حدثني عمرو بن زرارة ، أخبرنا إسماعيل ، عن أيوب ، عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عمر : رجل قذف امرأته ، فقال : فرق النبي صلى الله عليه وسلم بين أخوي بني العجلان ، وقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ فأبيا ، فقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب ، فهل منكما تائب ؟ فأبيا ، فقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ فأبيا ، ففرق بينهما قال أيوب : فقال لي عمرو بن دينار : إن في الحديث شيئا لا أراك تحدثه ، قال : قال الرجل ما لي ، قال : قيل : لا مال لك ، إن كنت صادقا فقد دخلت بها ، وإن كنت كاذبا فهو أبعد منك .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 300 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 300 ] مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : " لا مال لك . . . إلى آخره " لأن المراد منه الصداق الذي لها عليه ودخل بها ، وانعقد الإجماع على أن المدخول بها تستحق جميع الصداق ، والخلاف في غير المدخول بها ، فالجمهور على أن لها النصف كغيرها من المطلقات قبل الدخول ، وقال أبو الزناد والحكم وحماد : بل لها جميعه ، وقال الزهري : لا شيء لها أصلا ، وروي عن مالك نحوه ، وعمرو بن زرارة مر عن قريب ، وإسماعيل هو ابن علية ، وأيوب هو السختياني .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في اللعان عن أبي الربيع الزهراني وغيره ، وأخرجه أبو داود في الطلاق عن أحمد بن حنبل ، وأخرجه النسائي فيه عن زياد بن أيوب .

                                                                                                                                                                                  قوله : " رجل قذف امرأته " يعني ما الحكم فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله : " بين أخوي بني العجلان " حاصل معناه : بين الزوجين كليهما من قبيلة بني عجلان ، وقوله : بين أخوي بني العجلان من باب التغليب حيث جعل الأخت كالأخ ، وإطلاق الأخوة بالنظر إلى أن المؤمنين إخوة ، والعرب تطلق الأخ على الواحد من قوم فيقولون يا أخا بني تميم يريدون واحدا منهم ، ومنه قوله تعالى : إذ قال لهم أخوهم نوح قيل : أخوهم لأنه كان منهم .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وقال : الله يعلم أن أحدكما كاذب " يحتمل أن يكون قبل اللعان تحذيرا لهما منه وترغيبا في تركه وأن يكون بعده ، والمراد بيان أنه يلزم الكاذب التوبة ، وفي رواية المستملي أحدكما لكاذب باللام .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فهل منكما تائب ؟ " ظاهره أن ذلك كان قبل صدور اللعان منهما .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال أيوب " موصول بالسند المتقدم وهو أيوب السختياني الراوي .

                                                                                                                                                                                  قوله : " قال لي عمرو بن دينار . . . إلى آخره " حاصله أن عمرو بن دينار وأيوب سمعا الحديث من سعيد بن جبير فحفظ عمرو ما لم يحفظه أيوب وهو قوله : قال الرجل : مالي ، أي : الصداق الذي دفعه إليها ، فقيل له : لا مال لك لأنك إن كنت صادقا فيما ادعيته عليها فقد دخلت بها واستوفيت حقك منها قبل ذلك ، وإن كنت كاذبا فيما قلته فهو أبعد لك من مطالبتها بمال ، لئلا تجمع عليها الظلم في عرضها ومطالبتها بمال قبضته منك قبضا صحيحا تستحقه .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن المنذر : فيه دليل على وجوب صداقها وأن الزوج لا يرجع عليها بالمهر وإن أقرت بالزنا لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : إن كنت صادقا . . . إلخ .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية