الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قال أنت طالق كظهر أمي ولم ينو به ) شيئا ( أو نوى ) بجميعه ( الطلاق أو الظهار أو هما أو ) نوى ( الظهار بأنت طالق و ) نوى ( الطلاق بكظهر أمي ) أو نوى بكل منهما على حدته الطلاق أو نواهما أو غيرهما بأنت طالق ونوى بكظهر أمي طلاقا أو أطلق هذا ونوى بالأول شيئا مما ذكر أو أطلق الأول ونوى بالثاني شيئا مما ذكر غير الظهار أو نوى بهما أو بكل منهما أو بالثاني غيرهما أو كان الطلاق بائنا ( طلقت ) لإتيانه بصريح لفظ الطلاق وهو لا يقبل الصرف ( ولا ظهار ) أما عند بينونتها فواضح وأما عند عدمها فلأن لفظ الظهار لكونه لم يذكر قبله أنت وفصل بينه وبينها ( بطالق ) وقع تابعا غير مستقل ولم ينوه بلفظه ولفظه لا يصلح للطلاق كعكسه كما مر نعم محل عدم وقوع طلقة ثانية به إذا نوى [ ص: 182 ] به الطلاق وهي رجعية أما إذا نوى ذلك الطلاق الذي أوقعه أو أطلق أما إذا نوى به طلاقا آخر غير الأول فيقع على الأوجه ؛ لأنه لما خرج عن كونه صريحا في الظهار بوقوعه تابعا صح أن يكون كناية في الطلاق ( أو ) نوى ( الطلاق بأنت طالق ) أو لم ينو به شيئا أو نوى به الظهار أو غيره ( و ) نوى ( الظهار ) وحده أو مع الطلاق ( بالباقي ) أو نوى بكل منهما الظهار ولو مع الطلاق ( طلقت ) لوجود لفظه الصريح ( وحصل الظهار إن كان ) الطلاق ( طلاق رجعة ) لصحته من الرجعية مع صلاحية كظهر أمي لأن تكون كناية فيه بتقدير ( أنت ) قبله لوجود قصده به وكأنه قال أنت طالق أنت كظهر أمي أما إذا كان بائنا فلا ظهار لعدم صحته من البائن .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن أو نوى الظهار بأنت طالق ونوى الطلاق بكظهر أمي ) قال في شرح المنهج قال الرافعي فيما إذا نوى بكل الآخر ويمكن أن يقال إذا خرج كظهر أمي عن الصراحة وقد نوى به الطلاق يقع به طلقة أخرى إن كانت الأولى رجعية وهو صحيح إن نوى به طلاقا غير الذي أوقعه وكلامهم فيما إذا لم ينو به ذلك فلا منافاة ا هـ وكتب بهامشه شيخنا الشهاب البرلسي ما نصه : قوله إن نوى به طلاقا غير الذي أوقعه هذا الكلام لم أفهم له معنى وذلك ؛ لأن الغرض أنه لم يقصد إيقاع طلاق بقوله أنت طالق وإنما نوى به الظهار فليس في اعتقاده إيقاع طلاق إلا الذي نواه بقوله كظهر أمي وإذا لم يخطر بذهنه إيقاع طلاق بقوله أنت طالق فكيف يصح مع ذلك أن يفصل فيما قصده آخرا بين أن يكون عين الأول أو غيره فبحث الرافعي في موضوعه والله أعلم ا هـ نعم يمكن أن يجاب عن بحث الرافعي بما سيأتي عن شيخنا الشهاب الرملي فليتأمل ( قوله وهو لا يقبل الصرف ) قد يستشكل بأن [ ص: 182 ] الصريح يقبل الصرف كما صرح به كلامهم في مواضع ( قوله أو أطلق ) قد يقال قياس التعدد عند الإطلاق في أنت طالق أنت طالق التعدد عند الإطلاق هنا إلا أن يفرق . ( قوله أما إذا نوى به طلاقا آخر غير الأول ) هذا لا يأتي إلا في بعض الصور كما في أكثر الصور لا يتصور اتصافه بأن ينوي بكظهر أمي طلاقا آخر غير الأول إذ نية المغاير للأول متوقفة على نية الأول إلا أن يمنع ذلك بل إنما يتوقف على العلم بحصول الأول فيأتي في الجميع بشرط العلم بحصول الأول حيث لم ينو الطلاق بأنت طالق فليتأمل . ( قوله فيقع على الأوجه ) أي فهو كناية وتبع في ذلك شيخ الإسلام وقد رده شيخنا الشهاب الرملي ؛ لأن الإيقاع به يقتضي تقدير ( أنت ) قبل كظهر أمي وإلا لم يقع به شيء وحينئذ فتحقق صيغة الظهار التي هي صريحة فيه وذلك مانع من كونها كناية في الطلاق ؛ لأن ما كان صريحا في شيء لا يكون كناية في غيره . ( قوله لأن تكون كناية فيه بتقدير أنت ) قضية كونه كناية الاحتياج إلى نية الظهار لكن قضية ما مر عن شيخنا الشهاب الرملي في رد ما قاله شيخ الإسلام أن لا يحتاج [ ص: 183 ] بعد تقدير أنت لنية فليتأمل اللهم إلا أن يراد بكونه كناية مجرد الاحتياج إلى قصد تقدير أنت فليتأمل .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله به شيئا ) عبارة المغني بمجموع كلامه هذا شيئا ا هـ . ( قوله بجميعه ) ينبغي بمجموعه ا هـ سيد عمر . ( قوله وهو لا يقبل الصرف ) قد يشكل بأن الصريح يقبل الصرف كما صرح به كلامهم في مواضع ا هـ سم وقد يجاب بأن ما هنا عند عدم القرينة الظاهرة وكلامهم عند وجودها كما مر عنه آنفا . ( قوله وأما عند عدمها فلأن إلخ ) عبارة المغني وأما انتفاء الظهار في الأولين أي من صور المتن الخمس فلعدم استقلال لفظه مع عدم نيته وأما في الباقي أي من صور المتن فلأنه لم ينوه بلفظه ولفظ الطلاق لا ينصرف إلى الظهار وعكسه كما مر في الطلاق ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفصل بينه ) أي ظهر أمي وبينها أي أنت ا هـ ع ش . ( قوله ولفظه لا يصلح إلخ ) جواب سؤال وارد على قول المتن ولا ظهار بالنسبة إلى الصورة الأخيرة في المتن حاصله أن يقال هلا وقع الظهار بالأول إذا نواه به والطلاق بالثاني مع نيته به ا هـ بجيرمي ( قوله كما مر ) أي في الطلاق أي من أن ما كان صريحا في بابه ووجد نفاذا في موضوعه لا يكون كناية في غيره [ ص: 182 ] قوله به ) أي بكظهر أمي عبارة ع ش أي بما ذكره المصنف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذا نوى به إلخ ) ظرف لعدم وقوع إلخ وقوله ما إذا نوى إلخ خبر ( محل عدم وقوع ) إلخ وقوله أوقعه أي بقوله أنت طالق وإن ينوه وقوله أو أطلق عطف على نوى الطلاق إلخ . ( قوله أما إذا نوى به طلاقا آخر إلخ ) هذا لا يأتي إلا في بعض الصور وهو ما إذا نوى الطلاق بأنت طالق إذ من لم ينو الطلاق بأنت طالق كما في أكثر الصور لا يتصور اتصافه بأن ينوي بكظهر أمي طلاقا آخر غير الأول إذ نية المغاير للأول متوقفة على نية الأول إلا أنه يمنع ذلك بل إنما تتوقف على العلم بحصول الأول فيأتي في الجميع بشرط العلم بحصول الأول حيث لم ينو الطلاق بأنت طالق فليتأمل ا هـ سم وقوله وهو ما إذا نوى الطلاق إلخ أي وحده أو مع الظهار فيشمل الصورة السادسة والسابعة وقوله في الجميع أي حتى في الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والعاشرة وقوله حيث لم ينو الطلاق إلخ أي في الخامسة والثامنة والعاشرة . ( قوله فيقع على الأوجه إلخ ) تبع في ذلك شيخ الإسلام وقد رده شيخنا الشهاب الرملي بأن الإيقاع به يقتضي تقدير أنت قبل كظهر أمي وإلا لم يقع به شيء وحينئذ تتحقق صيغة الظهار التي هي صريحة فيه وذلك مانع من كونها كناية في الطلاق ؛ لأن ما كان صريحا في شيء لا يكون كناية في غيره سم ونهاية قال ع ش .

                                                                                                                              قوله ورده الوالد إلخ قال شيخنا الزيادي وفي هذا الرد نظر ؛ لأن كلام الرافعي أي الذي وافقه شيخ الإسلام والتحفة فيما إذا خرج عن الصراحة فصار كناية وكلام الراد فيما إذا بقي على صراحته فلم يتلاقيا ا هـ وقال الرشيدي قوله التي هي صريحة فيه إلخ يقال عليه فيلزم أن يقع به الظهار أيضا ولم يقولوا به على أنه قد يناقضه ما سيأتي في تعليل المتن الآتي على الأثر ا هـ أي قوله مع صلاحية كظهر أمي لأن يكون كناية فيه إلخ . ( قوله أو لم ينو به شيئا ) إلى الفصل في النهاية والمغني ( قول المتن وحصل الظهار إلخ ) ولو قال أنت علي كظهر أمي طالق عكس ما في المتن وأراد الظهار بأنت علي كظهر أمي والطلاق بطالق حصلا ولا عود أي فلا كفارة ؛ لأنه عقب الظهار بالطلاق ا هـ نهاية زاد المغني والروض مع شرحه فإن راجع كان عائدا كما سيأتي وإن طلق فمظاهر ولا طلاق على قياس ما مر في عكسه فإن أرادهما بمجموع اللفظين وقع الظهار فقط وكذا إن أراد به أحدهما أو أراد الطلاق بأنت كظهر أمي والظهار بطالق

                                                                                                                              ( تتمة )

                                                                                                                              لو قال أنت علي حرام كظهر أمي ونوى بمجموعه الظهار فظهار ؛ لأن لفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ والنية أولى وإن نوى به الطلاق فطلاق ؛ لأن لفظ الحرام مع نية الطلاق كصريحه ولو أرادهما بمجموعه أو بقوله أنت علي حرام أختار أحدهما فيثبت ما اختاره منهما وإنما لم يقعا جميعا لتعذر جعله لهما لاختلاف موجبهما وإن أراد بالأول الطلاق وبالآخر الظهار والطلاق رجعي حصلا لما مر في نظيره وإن أراد بالأول الظهار وبالآخر الطلاق وقع الظهار فقط إذ الآخر لا يصلح أن يكون كناية في الطلاق لصراحته في الظهار وإن أطلق وقع الظهار فقط ؛ لأن لفظ الحرام ظهار مع النية فمع اللفظ أولى وأما عدم وقوع الطلاق فلعدم صريح لفظه ونيته وإن أراد بالتحريم تحريم عينها لزمه كفارة يمين ؛ لأنها مقتضاه ولا ظهار إلا إن نواه بكظهر أمي ولو أخر لفظ التحريم عن لفظ الظهار فقال أنت علي كظهر أمي حرام فمظاهر لصريح لفظ الظهار ويكون قوله حرام [ ص: 183 ] تأكيدا سواء أنوى تحريم عينها فيدخل مقتضى التحريم وهو الكفارة الصغرى في مقتضى الظهار وهو الكفارة العظمى أم أطلق فإن نوى بلفظ التحريم الطلاق وقعا ولا عود لتعقيبه الظهار بالطلاق ولو قال أنت مثل أمي أو كزوجها أو كعينها ونوى به الطلاق كان طلاقا لما مر أن ذلك ليس صريح ظهار ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية