الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو مضى زمن استبراء بعد الملك قبل القبض حسب أن ملك بإرث ) لقوة الملك به ولذا صح بيعه قبل قبضه وذكر له الأذرعي تعليلا آخر مع التبري منه ومع ما يؤخذ منه [ ص: 278 ] فقال في توسطه قالوا لأن الملك بالإرث مقبوض حكما وإن لم يحصل حسا وهذا إذا كانت مقبوضة للمورث حيث يعتبر قبضه في الاستبراء أما لو ابتاعها ثم مات قبل قبضها لم يعتد باستبرائها إلا بعد أن يقبضها الوارث كما في بيع المورث قبل قبضه نبه عليه ابن الرفعة وهو واضح انتهى وإنما يتجه وضوحه بعد تسليم التعليل الذي تبرأ منه ومن ثم تبع ابن الرفعة المتأخرون لكنه مع ذلك مشكل لأن البيع الأضعف إذا اعتد بالاستبراء فيه قبل القبض فالإرث الأقوى أولى وكان الأذرعي أشار إلى بنائه على ضعيف بقوله حيث يعتبر قبضه في الاستبراء لكن ينافيه قوله أما إلخ مع قوله أنه واضح إلا أن يقال إنه واضح على القول في البيع أنه لا يكتفي فيه بالاستبراء قبل القبض وقد يقال في جواب الإشكال صرحوا بأن الإرث لا خلاف في الاعتداد بالاستبراء فيه قبل القبض بخلاف نحو البيع فإن فيه خلافا الأصح منه الاعتداد وأشاروا للفرق بما حاصله أن المملوك بالإرث مقبوض حكما فهو أقوى من نحو البيع ولذا صح التصرف فيه قبل قبضه ويلزم من هذه القوة المقتضية لصحة التصرف كون المورث في نحو البيع قبضه قبل موته وإلا فكان لا ملك بخلاف نحو البيع الملك فيه تام بالعقد لكنه ضعيف فجرى الخلاف فيه فالأصح نظرا إلى تمامه والضعيف إلى ضعفه وأما الإرث فالملك به مبني على تقدير قبضه ولا يوجد إلا إذا كان مورثه قبضه إن ملكه بنحو بيع فتأمله فإنه دقيق ( وكذا شراء ) ونحوه من المعاوضات ( في الأصح ) حيث لا خيار لتمام الملك به ولزومه ومن ثم لم يحسب في زمن الخيار ولو للمشتري لضعف ملكه ( لا هبة ) فلا يحسب قبل القبض لتوقف الملك فيها عليه كما قدمه فلا مبالاة بإيهام عبارته هنا حصوله قبله ومثلها غنيمة لم تقبض أي بناء على أن الملك فيها لا يحصل إلا بالقسمة كما هو ظاهر ويحسب في الوصية بعد قبولها ولو قبل القبض للملك الكامل فيها بالقبول

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله فالملك به مبني إلخ ) يتأمل معناه مع حصول الملك بالإرث مطلقا ( قوله فلا مبالاة بإيهام عبارته إلخ ) منشأ الإيهام قوله بعد الملك [ ص: 279 ] قبل القبض



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله وذكر له ) أي لما في المتن ( قوله مع التبري ) [ ص: 278 ] أي تبري الأذرعي منه أي من ذلك التعليل لأنه ذكره بلفظ قالوا كما يأتي وقوله ومع ما إلخ عطف على مع التبري أي ومع الشيء الذي يؤخذ من ذلك التعليل يعني يؤخذ منه شيء لا يخلو عن نزاع وهو قوله الآتي أما لو ابتاعها إلخ ( قوله فقال ) أي الأذرعي في توسطه وهو اسم كتاب له . ا هـ كردي ( قوله وهذا ) أي ما ذكره من الحسبان عبارة المغني تنبيه . قول ابن الرفعة محله أن تكون مقبوضة للمورث أما لو ابتاعها ثم مات قبل قبضها لم يعتد باستبرائها إلا بعد أن يقبضها الوارث مبني على ضعيف كما يعلم من قول المصنف وكذا شراء في الأصح ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إذا كانت مقبوضة إلخ ) أي إن كانت مشتراة للمورث يشترط لحصول الاستبراء للوارث بما مضى أن تكون مقبوضة للمورث لكن هذا مبني على مقابل الأصح الآتي كما سيصرح به الشارح ا هـ كردي ( قوله حيث يعتبر قبضه ) أي المورث ( قوله كما في بيع المورث إلخ ) أي كما لا يعتد بيع المورث ما اشتراه ولم يقبضه ( قوله نبه عليه ) أي على قوله وهذا إذا كانت مقبوضة إلى هنا .

                                                                                                                              ( قوله ومن ثم إلخ ) أي لأجل التسليم ( قوله لكنه ) أي ما قاله ابن الرفعة مع ذلك أي تبعية المتأخرين له ( قوله إلى بنائه على ضعيف ) جزم به المغني كما مر آنفا ( قوله ينافيه قوله ) أي قول الأذرعي حكاية عن ابن الرفعة وقوله مع قوله إلخ أي مع قول الأذرعي تقوية لما حكاه عن ابن الرفعة ( قوله على القول في البيع إلخ ) أي المرجوع ( قوله في نحو البيع ) أي فيما ملكه بنحو البيع ( قوله قبضه إلخ ) خبر كون والضمير لنحو المبيع ( قوله وإلا ) أي وإن لم يكن المورث قبضه قبل موته ( قوله فكان ) بسكون النون لا ملك أي للوارث ( قوله بخلاف نحو البيع ) أي ما ملكه الشخص بنحو البيع ولم يقبضه ( قوله فجرى الخلاف فيه ) أي في المملوك بنحو البيع ( قوله فالملك به مبني على تقدير قبضه ) يتأمل معناه مع حصول الملك بالإرث مطلقا . ا هـ سم وقد يقال إن معناه ما قدمه آنفا من أن المملوك مقبوض حكما ( قوله إن ملكه إلخ ) شرط للشرط الأول وتقييده للحصر الذي أفاده النفي والاستثناء ( قوله ونحوه من المعاوضات ) إلى قوله انتهى في المغني وإلى قول المتن ويحرم الاستمتاع في النهاية إلا قوله ومنه ما لو اشترى إلى نعم ( قوله حيث لا خيار ) أي لأحد من البائع والمشتري ا هـ ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لم يحسب ) أي زمن الاستبراء ( قوله ولو للمشتري إلخ ) وما سبق في باب الخيار أن الخيار إذا كان للمشتري فقط أنه لا يحل له وطؤها فالمراد بالحل هناك ارتفاع التحريم المستند لضعف الملك وانقطاع سلطنة البائع فيما يتعلق بحقه وإن بقي التحريم لمعنى آخر وهو الاستبراء فلا منافاة ا هـ مغني ( قوله فلا مبالاة إلخ ) تفريع على قوله كما قدمه ( قوله بإيهام عبارته إلخ ) منشأ الإيهام قوله بعد الملك قبل القبض ا هـ سم ( قوله ومثلها ) الموهوبة التي لم تقبض ( قوله لم تقبض ) لعله لم تقسم لقوله بعد أي بناء إلخ اللهم إلا أن يقال إن القسمة للغنيمة لا تتحقق إلا بالقبض ا هـ ع ش عبارة الرشيدي قوله لم تقبض لعل المراد لم تقسم بقرينة ما بعده إلا أن يقال إن القبض فيها يحصل بمجرد القسمة أي حكما بدليل صحة تصرفه في نصيبه قبل استيلائه عليه ولعل هذا أولى مما في حاشية الشيخ ع ش وسبق ما يحصل به الملك في الغنيمة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله إن الملك لا يحصل إلا بالقسمة ) ولهذا قال الجويني والقفال وغيرهما أنه يحرم وطء السراري اللاتي يجلبن من الروم والهند والترك إلا أن ينصب الإمام من يقسم الغنائم من غير ظلم ا هـ مغني وفي البجيرمي بعد ذكر مثله عن سم ما نصه والمعتمد جواز الوطء لاحتمال أن يكون السابي ممن لا يلزمه التخميس ونحن لا نحرم بالشك م ر والزيادي والحفني ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله بعد قبولها ) وكذا قبل قبولها كما له الرافعي ا هـ مغني وهو خلاف ظاهر [ ص: 279 ] كلام الشارح والنهاية ولذا قال ع ش قوله بعد قبولها أي فلو مضت مدة الاستبراء بعد الموت وقبل القبول لم يعتد بها وإن تبين بالقبول أن الملك حصل من الموت ا هـ




                                                                                                                              الخدمات العلمية