الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويمنعها ) إن شاء ( صوم ) أو نحو صلاة أو اعتكاف ( نفل ) ابتداء وانتهاء ولو قبل الغروب لأن حقه مقدم عليه لوجوبه عليها ، وإن لم يرد التمتع بها على الأوجه ؛ لأنه قد يطرأ له إرادته فيجدها صائمة فيتضرر ( فإن أبت ) وصامت ، أو أتمت [ ص: 332 ] غير نحو عرفة وعاشوراء ، أو صلت غير راتبة ( فناشزة في الأظهر ) فتسقط جميع مؤن ما صامته لامتناعها من التمكين الواجب عليها ، ولا نظر إلى تمكنه من وطئها ، ولو مع الصوم ؛ لأنه قد يهاب إفساد العبادة فيتضرر ، ومن ثم حرم صومها نفلا ، أو فرضا موسعا وهو حاضر من غير إذنه ، أو علم رضاه وظاهر امتناعه مطلقا إن أضرها ، أو ولدها الذي ترضعه ، وأخذ أبو زرعة من هذا التعليل أنها لو اشتغلت في بيته بعمل ، ولم يمنعه الحياء من تبطيلها عنه كخياطة بقيت نفقتها .

                                                                                                                              وإن أمرها بتركه فامتنعت إذ لا مانع من تمتعه بها أي وقت أراد بخلاف نحو تعليم صغار ؛ لأنه يستحي عادة من أخذها من بينهن ، وقضاء وطره منها فإذا لم تنته بنهيه فهي ناشزة ، أما نحو عرفة وعاشوراء فلها فعلهما بغير إذنه كرواتب الصلاة بخلاف نحو الاثنين ، والخميس وبه يخص الخبر الحسن { لا تصوم المرأة يوما سوى شهر رمضان وزوجها شاهد إلا بإذنه } ولو نكحها صائمة تطوعا لم يجبرها على الفطر لكن الأوجه سقوط مؤنها ( والأصح إن قضاء لا يتضيق ) لكون الإفطار بعذر مع اتساع الزمن ، وقد تشمل عبارته قضاء الصلاة فيفصل فيه بين التضييق وغيره وهو الأوجه ( كنفل فيمنعها ) منه قبل الشروع فيه وبعده من غير إذنه ؛ لأنه متراخ وحقه فوري ، بخلاف ما تضيق للتعدي بإفطاره ، أو لضيق زمنه بأن لم يبق من شعبان إلا ما يسعه فلا يمنعها منه ، ونفقتها واجبة لكنه مشكل في صورة التعدي ؛ لأن المانع نشأ عن تقصيرها ، وله منعها من صوم نذر مطلق كمعين نذرته في نكاحه بلا إذنه وصوم كفارة ولو من إتمامه ، وإن شرعت فيه قبل منعه على الأوجه ، ويؤخذ مما ذكر في المتعدية بالإفطار أن المتعدية بسبب الكفارة لا يمنعها ، وتستحق النفقة .

                                                                                                                              وأفتى البرهان الفزاري في مسافرين برمضان بأنه لا يمنعها من صومه قال الأذرعي ، وتبعه الزركشي : وهو متجه إن لم يكن الفطر أفضل انتهى قيل وهو أوجه مما نقل عن الماوردي المخالف لذلك انتهى . ويؤيده قولهم : ( و ) الأصح [ ص: 333 ] ( أنه لا منع من تعجيل مكتوبة أول الوقت ) لحيازة فضيلته ، وأخذ منه الزركشي وغيره أن له المنع إذا كان التأخير أفضل ، وبحث الأذرعي أن له المنع من تطويل زائد بل تقتصر على أكمل السنن ، والآداب وفارق ما مر في الإحرام بطول مدته ( و ) لا من ( سنن راتبة ) ولو أول وقتها لتأكدها مع قلة زمنها ومن ثم جاز له منعها من تطويلها بأن زادت على أقل مجزئ فيما يظهر ، ويحتمل اعتبار أدنى الكمال ؛ لأنهم راعوا هنا فضيلة أول الوقت فلا تبعد رعاية هذا أيضا ومر أول محرمات النكاح أن العبرة في المسائل المختلف فيها بعقيدته لا بعقيدتها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : ويمنعها صوم نفل إلخ ) والأوجه تقييد المنع بمن يمكنه الوطء فلا منع لصوم ، أو اعتكاف واجبين ، أو كان محرما ، أو مريضا مدنفا لا يمكنه الوقاع ، أو ممسوحا ، أو عنينا ، أو كانت قرناء أو متحيرة كالغائب وأولى ؛ لأن الغائب قد يقدم نهارا فيطأ ولو كانا مسافرين سفرا مرخصا في شهر رمضان كان مخرجا على فعل المكتوبة في أول الوقت وأولى لما في التأخير من الخطر على أوجه احتمالات في ذلك حيث لم يكن الفطر أفضل م ر ش .

                                                                                                                              ( قوله : على الأوجه ) [ ص: 332 ] كذا م ر ش ( قوله : غير نحو عرفة إلخ ) هذا الصنيع حيث أطلق المنع ، أولا وفصل في النشوز ثانيا يدل على أصالة المنع مطلقا وأن التفصيل بين نحو عرفة وغيره إنما هو في النشوز بالامتناع ، وليس مرادا بدليل قول الروض : ويمنعها من تطويل الرواتب وصوم الاثنين والخميس ، ونحوهما لا عاشوراء وعرفة . ا هـ . بل صرح هو بذلك في أول قوله الآتي : أما نحو عرفة إلخ ( قوله : نحو عرفة وعاشوراء ) يحتمل أن يدخل فيه ستة شوال ( قوله : مطلقا ) يدخل فيه إذنه ، وعلم رضاه فيما يضرها وفي إطلاقه نظر ( قوله : لكن الأوجه ) أي : من وجهي سقوط مؤنها أصح الوجهين عدم السقوط م ر ش ( قوله : ونفقتها واجبة ) كذا م ر ش ( قوله : وله منعها من صوم نذر مطلق إلخ ) نعم قياس ما مر في الاعتكاف من أنها لو نذرت اعتكافا متتابعا بغير إذنه ، ودخلت فيه بإذنه ليس له منعها استثنى هذا م ر ش ( قوله : وصوم كفارة ) قال في شرح الروض أي : إن لم تعص [ ص: 333 ] بسببه . ا هـ . و م ر موافق للأخذ الآتي .

                                                                                                                              ( قوله : إذا كان التأخير أفضل ) أي : لنحو إبراد م ر ش ( قوله : وبحث الأذرعي إلخ ) كذا م ر ش ( قوله : وفارق ما مر ) أي : في قوله في المتن لا منع من تعجيل إلخ ولو أول وقتها كذا م ر ش ، وفي شرح الروض وقضية كلامهم أنه يمنعها من تعجيل الراتبة مع المكتوبة أول الوقت . ا هـ . ( قوله : ويحتمل إلخ ) جرى عليه م ر ( قوله : ويحتمل اعتبار أدنى الكمال ) هلا اعتبر الكمال كما في قول الأذرعي السابق بأكمل السنن والآداب .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن : ويمنعها صوم نفل إلخ ) ، والأوجه تقييد المنع بمن يمكنه الوطء فلا منع لمتلبس بصوم ، أو اعتكاف واجبين ، أو كان محرما ، أو مريضا مدنفا لا يمكنه الوقاع ، أو ممسوحا ، أو عنينا ، أو كانت قرناء ، أو رتقاء ، أو متحيرة كالغائب وأولى ؛ لأن الغائب قد يقدم نهارا فيطأ شرح م ر ا هـ .

                                                                                                                              سم وقد يشير إليه قول الشارح ؛ لأنه قد يطرأ له إلخ لكن ظاهر صنيع المغني اعتماد إطلاق المنع عبارته سواء أمكنه جماعها أم امتنع عليه لعذر حسي كجبه ، أو رتقها ، أو شرعي كتلبسه بواجب كصوم ، أو إحرام وبحث الأذرعي أنه لا يمنع من لا يحل له وطؤها كمتحيرة ومن لا تحتمل الوطء ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن شاء ) إلى قوله : لكن الأوجه في النهاية ( قول المتن فإن أبت ) أي امتنعت من عدم الشروع ، أو الفطر بعد أمره لها به ( قوله : [ ص: 332 ] غير نحو عرفة إلخ ) من النحو تاسوعاء لا الخميس ، والاثنين وأيام البيض كما يأتي في كلامه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قول المتن : فناشزة إلخ ) ، والأقرب أن المراهقة الحاضرة أي : المقيمة كالبالغة لو أرادت صوم رمضان ؛ لأنها مأمورة بصومه مضروبة على تركه ا هـ .

                                                                                                                              نهاية ( قوله : فتسقط ) إلى قوله : وظاهر في المغني ( قوله : أو فرضا موسعا ) أي : وإن كان لها غرض في التقديم كقصر النهار ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : مطلقا ) أي : موسعا ، أو مضيقا ع ش أي : وسواء وجد الإذن ، أو العلم بالرضا أم لا سم ( قوله : من هذا التعليل ) أي قوله : لأنه قد يهاب إلخ ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وإن أمرها بتركه ) أي : ما لم يكن أمره بالترك لغرض آخر غير التمتع كريبة تحصل له ممن له الخياطة مثلا كتردده على باب بيته لطلب ما يتعلق به من الخياطة ونحوها ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : من بينهن ) أي : الصغار وكان الأولى التذكير ( قوله : بنهيه ) أي : عن نحو تعليم صغار ( قوله : أما نحو عرفة ) إلى قوله : بخلاف نحو الاثنين في المغني ( قوله : أما نحو عرفة إلخ ) أي : كالتاسوعاء نهاية ( قوله : فلها فعلهما إلخ ) وليس له منعها منهما ولا تسقط نفقتها بالامتناع من فطرهما ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله : بغير إذنه ) أي : إلا في أيام الزفاف فله منعها من صومهما فيها ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : بخلاف نحو الاثنين إلخ ) ومنه ستة شوال وإن نذرتها بعد النكاح بلا إذن منه كما يأتي ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وبه ) أي : بقياس نحو عرفة وعاشوراء على رواتب الصلاة ( قوله : شاهد ) أي : حاضر ( قوله : لكن الأوجه إلخ ) خلافا للنهاية ووفاقا للمغني عبارته وفي سقوط نفقتها وجهان أوجههما السقوط كما قاله الأذرعي ؛ لأن الفطر أفضل عند طلب التمتع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكون الإفطار ) إلى قوله : انتهى في النهاية ، والمغني إلا قوله : لكنه مشكل إلى وله منعها ( قوله : بين التضييق ) أي بأن فات بلا عذر ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وله منعها إلخ ) نعم قياس ما مر في الاعتكاف من أنها لو نذرت اعتكافا متتابعا بغير إذنه ودخلت فيه بإذنه ليس له منعها استثناؤه هنا شرح م ر ا هـ .

                                                                                                                              سم على حج أي : فليس له تحليلها منه حيث دخلت فيه بإذنه ومثل الاعتكاف سائر العبادات إذا نذرتها بلا إذن منه وشرعت فيها بإذنه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش عبارة المغني تنبيه : تسقط نفقتها بالاعتكاف إلا بإذن زوجها وهو معها ، أو بغير إذن لكن اعتكفت بنذر معين سابق للنكاح فلا تسقط نفقتها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : من صوم نذر إلخ ) عبارة المغني ، والنهاية وله منعها من منذور معين نذرته بعد النكاح بلا إذن ومن صوم كفارة إن لم تعص بسببه ؛ لأنه على التراخي ومن منذور صوم ، أو صلاة مطلق سواء أنذرته قبل النكاح أم بعده ولو بإذنه ؛ لأنه موسع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : كمعين نذرته إلخ ) ويكون باقيا في ذمتها إلى أن تموت فيقضى من تركتها ، أو يتيسر لها فعله بنحو غيبته كإذنه لها بعد ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وصوم كفارة ) إن لم يعص بسببه كذا في شرح الروض وهو موافق للأخذ الآتي ا هـ .

                                                                                                                              سم ( قوله : أن المتعدية بسبب الكفارة ) أي كأن حلفت على أمر ماض أنه لم يكن وهي عالمة بوقوعه ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : وهو متجه إلخ ) وفاقا للنهاية ، والمغني ( قوله : وهو ) أي : ما قاله الأذرعي إلخ [ ص: 333 ] وكذا ضمير ويؤيده ( قوله : لحيازة فضيلته ) إلى قوله : وفارق في المغني وإلى الفرع في النهاية بمخالفة يسيرة أنبه عليها ( قوله : وأخذ منه ) أي : من التعليل ( قوله : إذا كان التأخير أفضل ) أي : لنحو إبراد نهاية ومغني انظر هل يسن الإبراد في حق المرأة مع أن صلاتها في بيتها أفضل ؟ رشيدي ( قوله : وفارق ) أي عدم المنع من تعجيل المكتوبة ع ش وسم ( قول المتن : وسنن راتبة ) المراد بالراتبة ما له وقت معين سواء توابع الفرائض وغيرها وقد ذكر الرافعي أن هذا اصطلاح القدماء وحينئذ فيدخل العيدان والكسوفان والتراويح ، والضحى فليس له منعها من فعلها في المنزل ولكن يمنعها من الخروج لذلك ا هـ .

                                                                                                                              مغني عبارة ع ش ولا فرق في السنن بين المؤكدة وغيرها أخذا من إطلاقهم بل ينبغي أن مثلها صلاة العيدين وصلاة الضحى ، والخسوف ، والكسوف ، والاستسقاء وأن مثلها الأذكار المطلوبة به عقب الصلوات من التسبيح وتكبير العيدين ونحوهما مما يستحب فعله عقب الصلوات ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : ولو أول وقتها ) وظاهر كلامهم أنه يمنعها من تعجيلها مع المكتوبة أول الوقت مغني وأسنى ( قوله : جاز له منعها من تطويلها إلخ ) كما صرح به الماوردي ا هـ .

                                                                                                                              مغني ( قوله : جاز له منعها إلخ ) وعليه فيفرق بين الراتبة ، والفرض حيث اغتفر فيه أكمل السنن ، والآداب بعظم شأن الفرض فروعي فيه زيادة الفضيلة ا هـ .

                                                                                                                              ع ش ( قوله : بأن زادت إلخ ) عبارة النهاية إن زادت على أدنى الكمال فيما يظهر ويحتمل المنع من زيادة على أقل مجزئ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : فيما يظهر ) معتمد ا هـ ع ش




                                                                                                                              الخدمات العلمية