الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( و ) في ( كل يد نصف دية ) لخبر به في أبي داود ( إن قطع من كف ) يعني من كوع كما بأصله ( فإن قطع فوقه فحكومة أيضا ) ؛ لأنه ليس بتابع إذ لا يشمله اسم اليد هنا بخلاف ما بعد الكوع لشمول اسم اليد له هذا إن اتحد القاطع وإلا فعلى الثاني ، وهو القاطع ما عدا الأصابع حكومة ( و ) في قطع ، أو إشلال ( كل أصبع ) عشر دية صاحبها موزعا على أنامله الثلاثة إلا الإبهام فعلى أنملتيه ، ولو زادت الأنامل على العدد الغالب مع التساوي ، أو نقصت قسط الواجب عليها وكذا الأصابع كما صرح به شارح هنا ويؤيده قولهم لو انقسمت أصابعه إلى ست متساوية قوة وعملا وأخبر أهل الخبرة بأنها أصلية فلها حكم الأصلية

                                                                                                                              فقول الماوردي إنما لم يقسموا دية الأصابع عليها إذا زادت ، أو نقصت كما في الأنامل بل أوجبوا في الأصبع الزائدة حكومة ؛ لأن الزائدة من الأصابع متميزة ومن الأنامل غير متميزة فيه نظر بل هما فيه على حد سواء ؛ لأنه نفسه كالأصحاب شرط في الأنامل [ ص: 471 ] التساوي فساوت الأصابع في أن في الزائد منها حكومة وغيره جزءا من الدية وإذا تقرر أن في كل أصبع عشر دية صاحبه ففي أصبع الذكر الحر المسلم ( عشرة أبعرة و ) في كل ( أنملة ) له ( ثلث العشر و ) في ( أنملة إبهام ) له ( نصفها ) عملا بالتقسيط الآتي ( والرجلان كاليدين ) في كل ما ذكر حتى الأنامل كما قالوه وذلك للخبر الصحيح به ولو تعددت اليد فإن علمت الزائدة لنحو قصر فاحش ففيها الحكومة وإلا تعرف الزائدة لاستوائهما في سائر ما يأتي أو للتعارض الآتي فهما كيد واحدة ففيهما القود أو الدية ؛ لأنهما في الأولى أصليتان وفي الثانية مشتبهتان ولا مرجح فأعطيتا حكم الأصليتين وتجب مع كل حكومة لزيادة الصورة وتعرف الأصلية ببطش أو قوته ، وإن انحرفت عن سمت الكف أو نقصت أصبعا وباعتدال فالمنحرفة الزائدة إلا إن زاد بطشها فهي الأصلية فإن تميزت إحداهما باعتدال والأخرى بزيادة أصبع فلا تمييز فإن استوتا بطشا ونقصت إحداهما وانحرفت الأخرى فالمنحرفة الأصلية كما رجحه الزركشي ، أو زاد جرم إحداهما فهي الأصلية كما قاله الماوردي وفي أصبع ، أو أنملة زائدة وتعرف بنحو انحراف عن سمت الأصلية كما تقرر حكومة ويأتي آخر السرقة ما له تعلق بذلك .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله ما عدا الأصابع ) يشمل الكف أيضا بأن لقط الأول الأصابع كما يشمل ما فوق الكف بأن قطع الأول من الكوع .

                                                                                                                              ( قوله فقول الماوردي إلخ ) ، ولو زادت الأصابع أو الأنامل عن العدد الغالب مع التساوي ، أو نقصت قسط واجب الأصبع المار عليها لا واجب الأصابع وعلى هذا يحمل كلام شرح المنهج فلا يخالف هذا ما في شرح الروض عن الماوردي شرح م ر [ ص: 471 ] قوله ففيهما القود ، أو الدية إلخ ) عبارة الروض فعلى قاطعها القصاص أو الدية ويجب مع ذلك حكومة لزيادة الصورة في إحداهما نصف دية اليد وحكومة ، ولا قصاص . ا هـ وقوله ، ولا قصاص قال في شرحه إلا أن يكون للقاطع مثلها ( قوله : لأنهما في الأولى أصليتان ) بمنزلة اليد الواحدة ( قوله فأعطيتا حكم الأصليتين ) اللتين كواحدة ( قوله أو نقصت أصبعا ) كما أفاده كلام القاضي شرح الروض ( قوله فلا تمييز ) عند الأكثرين شرح الروض



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن وكل يد نصف دية ) المراد باليد الكف مع الأصابع الخمس

                                                                                                                              ( تنبيه ) قال بعض المتأخرين قد يجب في اليد ثلث الدية وذلك فيما لو قطع إنسان يمين آخر حال صياله ثم يساره حال توليه عنه ثم رجله حال صياله عليه ثانيا فمات بذلك فعليه ثلث الدية لليد اليسرى ا هـ وهذا ممنوع ؛ لأن الثلث إنما وجب لأجل أن النفس فاتت بثلاث جراحات فوزعت الدية على ذلك لا أن اليد وجب فيها ثلث الدية ثم قال وقد يجب في اليدين بعض الدية كأن سلخ جلد شخص فبادر آخر وحياته مستقرة فقطع يديه فالسالخ تلزمه دية وقاطع يديه تلزمه دية ينقص منها ما يخص الجلد الذي كان على اليدين . ا هـ وهذا أيضا ممنوع فإنا أوجبنا في اليدين الدية بتمامها وإنما نقصنا منها شيئا لأجل ما فات من اليدين لا أنا أوجبنا دون الدية في يدين تامتين مغني وفي ع ش بعد ذكر الصورة الأولى عن سم عن عميرة ما نصه ووجه ذلك أن الصائل مات بالسراية من ثلاث جنايات ثنتان منها مهدرتان وهما قطع يده الأولى ورجله ؛ لأنهما قطعتا منه دفعا لصياله وحيث آل الأمر إلى الدية سقط ما يقابلهما ووجب من الدية ما يقابل اليد التي قطعها المصول عليه تعديا وهو ثلث الدية . ا هـ

                                                                                                                              ( قول المتن إن قطع ) أي اليد والتذكير بتأويلها بالعضو مغني ( قوله يعني من كوع ) إنما احتاج لهذا التعبير ليصح قول المصنف بعده فإن قطع فوقه إلخ وإلا فهو صحيح في نفسه كما لا يخفى رشيدي ( قوله إذ لا يشمله اسم اليد ) وبهذا فارق قصبة الأنف والثدي حيث لا يجب في الأول شيء مع دية المارن ، ولا في الثاني شيء مع دية الحلمة ع ش ( قوله هذا إن اتحد إلخ ) هو تقييد بقوله بخلاف ما بعد الكوع أي من أسفل خلافا لما وقع في بعض العبارات من أنه تقييد للمتن لكن كان ينبغي أن يقول القطع بدل القاطع ولعله أراد بالقاطع الثاني ما يشمل القاطع الأول وكأنه تعدد بتعدد فعله فتأمل رشيدي عبارة المغني تنبيه قد يفهم قوله إن قطع من كف أنه لا يجب النصف إذا قطع الأصابع وبقي الكف لكنه متروك بقوله بعد وكل أصبع عشرة وإنما قيد اليد بذلك رفعا لتوهم احتمال إيجاب الحكومة لأجل الكف لا للنقص إن قطع من دونه وهذا إذا حزه من الكف فإن قطع الأصابع ثم قطع الكف هو ، أو غيره بعد الاندمال أو قبله وجبت الحكومة كما في السنخ مع السن . ا هـ

                                                                                                                              ( قوله ما عدا الأصابع ) أي مما بعد الكوع من الكف ( قوله عشر دية صاحبها إلخ ) ، ولو لم يكن لأصبعه أنامل ففيه دية تنقص شيئا ؛ لأن الانثناء إذا زال سقط معظم منافع اليد مغني وعميرة ( قوله ، ولو زادت الأنامل إلخ ) فلو انقسمت أصبع أربع أنامل متساوية ففي كل واحدة ربع العشر كما صرح به في أصل الروضة ويقاس بهذه النسبة الزائدة على الأربع والناقصة عن الثلاث أسنى ومغني ( قوله قسط الواجب ) أي واجب الأصبع ، وهو العشرة ( قوله وكذا الأصابع ) خلافا للنهاية والمغني حيث اعتمدا ما سيذكره الشارح عن الماوردي من أنه لو زادت الأصابع ، أو نقصت لا يسقط واجبها بل يجب في الزائدة حكومة ( قوله ويؤيده ) أي كون الأصابع كالأنامل في التقسيط

                                                                                                                              ( قوله فقول الماوردي إلخ ) جرى عليه النهاية والمغني كما مر آنفا قال السيد عمر يظهر أن كلام الماوردي خرج مخرج الغالب إذ الغالب في زائد الأصابع تميزها بخلاف الأنامل . ا هـ ( قوله : لأنه نفسه إلخ ) أي الماوردي وحاصله [ ص: 471 ] عدم الفرق بين الأنامل والأصابع في اشتراط المساواة ؛ لأن مدار التقسم فيهما على المساواة كما دل عليه كلامهم لا على عدم التميز كما صرح به الماوردي كردي ( قوله التساوي ) أي في القوة والعمل ( قوله في أن في الزائد منها ) أي من الأنامل ولعل المراد بالزائد هنا الغير المساوي وبمقابله الآتي المساوي ( قوله وغيره ) أي غير الزائد بالجر وقوله جزءا إلخ بالنصب عطف على الزائد منها حكومة

                                                                                                                              ( قوله وإذا تقرر ) إلى قوله ، ولو تعدت في المغني وإلى التنبيه في النهاية إلا قوله ويأتي إلى المتن ( قوله الآتي ) في أي محل يأتي عبارة المغني عملا بقسط واجب الأصبع . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ما يأتي ) وقوله الآتي أي آنفا ( قوله ففيهما القود أو الدية ) أي ففيهما معا دية واحدة وحكومة لكل ع ش عبارة الروض مع الأسنى فعلى قاطعهما القصاص ، أو الدية وتجب مع ذلك حكومة لزيادة الصورة وفي قطع إحداهما نصف دية اليد وحكومة ؛ لأنها نصف في صورة الكل ، ولا قصاص فيها إلا أن يكون للقاطع مثلها انتهت وأقرها سم ( قوله في الأولى ) أي صورة الاستواء وقوله في الثانية أي صورة التعارض ( قوله أصليتان ) بمنزلة اليد الواحدة سم ( قوله فأعطيتا ) أي المشتبهتان رشيدي

                                                                                                                              ( قوله حكم الأصليتين ) أي المذكورتين قبل اللتين هما كواحدة رشيدي وسم ( قوله مع كل ) أي من القود والدية رشيدي ( قوله عن سمت الكف ) أي السمت الذي من حق الكف أن يكون عليه ، وهو سمت الساعد ، ولو عبر به لكان أوضح سيد عمر ( قوله فلا تمييز ) أي يقتضي أصالة إحداهما دون الأخرى ع ش ( قوله ونقصت إلخ ) أي أصبعا أسنى ( قوله وانحرفت إلخ ) أي عن سمت الكف ع ش ( قوله كما رجحه الزركشي ) ، وهو المعتمد نهاية ( قوله أو زاد إلخ ) أي والحال أنهما مستويتان بطشا ع ش ( قوله وفي أصبع إلخ ) خبر مقدم لقوله حكومة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية