وفيها قتل بندار الطبري ، وكان سبب قتله ( أن مساور بن عبد الحميد الموصلي الخارجي لما خرج بالبوازيج ، كما ذكرنا ) ، وكان طريق خراسان إلى بندار ، ومظفر بن سيسل ، وكانا بالدسكرة ، أتى الخبر إلى بندار بمسير مساور إلى كرخ حدان ، فقال المظفر ( في المسير إليه ، فقال للمظفر ) : قد أمسينا ، وغدا العيد ، فإذا قضينا العيد سرنا إليه . فسار بندار طمعا في أن يكون الظفر له ، فسار ليلا ، حتى أشرف على عسكر مساور ، فأشار عليه بعض أصحابه أن يبيتهم ، فأبى وقال : حتى أراهم ويروني ، فأحس به الخوارج ، فركبوا ، واقتتلوا .
وكان مع بندار ثلاثمائة فارس ، ومع الخوارج سبع مائة ، فاشتد القتال بينهم ، وحمل الخوارج حملة اقتطعوا من أصحاب بندار أكثر من مائة ، فصبروا لهم ، وقاتلوهم ، حتى قتلوا جميعا ، فانهزم بندار وأصحابه ، وجعل الخوارج يقطعونهم قطعة بعد قطعة ، فقتلوهم .
وأمعن بندار في الهرب ، فطلبوه ، فلحقوه ، فقتلوه ، ونصبوا رأسه ، ونجا من أصحابه نحوا من خمسين رجلا ، وقيل : مائة .
وأتى الخبر إلى المظفر ، فرحل نحو بغداد ، وسار مساور نحو حلوان ، فقاتله أهلها ، فقتل منهم أربع مائة إنسان ، وقتلوا من أصحابه جماعة ، وقتل عدة من حجاج خراسان كانوا بحلوان ، وأعانوا أهلها ، ثم انصرفوا عنه .
[ ص: 244 ] وقال ابن مساور في ذلك :
فجعت العراق ببندارها وحزت البلاد بأقطارها وحلوان صبحتها غارة
فقتلت أغرار غرارها وعقبه بالموصل أحجرته
وطوقته الذل في كارها