الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر حال الأنبار

وسير محمد بن عبد الله إلى الأنبار نجوبة بن قيس ، فأقام بها ، وجمع بها نحوا من ألفي رجل ، وأمده محمد بن عبد الله بألف وخمس مائة ، وشق الماء من الفرات إلى [ ص: 221 ] خندقها ، ففاض على الصحاري ، فصار بطيحة واحدة ، وقطع القناطر .

وسير المعتز جندا مع علي الإسحاقي نحو الأنبار ، فوصلوا ساعة وصول مدد محمد وقد نزلوا ظاهرها ، فاقتتلوا أشد قتال ، فانهزم مدد محمد بن عبد الله ، ورجعوا في الطريق الذي جاؤوا فيه إلى بغداد .

وكان نجوبة بالأنبار لم يخرج منها ، فلما بلغه هزيمة مدده ، ومسير الأتراك إليه ، عبر إلى الجانب الغربي ، وقطع الجسر وسار نحو بغداد ، فاختار محمد بن عبد الله ( إنفاذ ) الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم إلى الأنبار في جماعة من القواد والجند ، فجهزهم ، وأخرج لهم رزق أربعة أشهر .

وخرج الجند وعرضهم الحسين ، وسار عن بغداد يوم الخميس لسبع بقين من جمادى الأولى ، وتبعه الناس ، والقواد ، وبنو هاشم إلى الياسرية .

وكان أهل الأنبار لما دخلها الأتراك قد أمنوهم ، ففتحوا دكاكينهم ، وأسواقهم ، ووافاهم سفن من الرقة تحمل الدقيق والزيت وغير ذلك ، فانتهبها الأتراك وحملوها إلى منازلهم بسامرا ، ووجهوا بالأسرى وبالرؤوس معها .

وسار الحسين حتى نزل دمما ، ووافته طلائع الأتراك فوق دمما ، فصف أصحابه مقابل الأتراك ، بينهما نهر ، وكان عسكره عشرة آلاف رجل ، ( وكان الأتراك فوق دمما ، فصف أصحابه ) ، وكان الأتراك زهاء ألف رجل ، فتراموا بالسهام ، فجرح بينهم عدد ، وعاد الأتراك إلى الأنبار ، وتقدم الحسين فنزل بمكان يعرف بالقطيعة ، واسع يحمل العسكر ، فأقام فيه يومه ، [ ص: 222 ] ثم عزم على الرحيل إلى قرب الأنبار ، فأشار عليه القواد أن ينزل عسكره بهذا المكان بالقطيعة لسعته وحصانته ، ويسير هو وجنده جريدة ، فإن كان الأمر له كان قادرا على نقل عسكره ، ( وإن كان عليه رجع إلى عسكره ) وعاود عدوه ، فلم يقبل منهم وسار من مكانه .

فلما بلغ المكان الذي يريد النزول به أمر الناس بالنزول ، فأتت الأتراك جواسيسهم ، وأعلموهم بمسيره وضيق مكانه ، فأتاهم الأتراك والناس يحطون أثقالهم ، فثار أهل العسكر وقاتلوهم فقتل بينهم قتلى من الفريقين ، وحمل أصحاب الحسين عليهم فكشفوهم ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، وغرق منه خلق كثير . وكان الأتراك قد كمنوا لهم كمينا ، فخرج الكمين على بقية العسكر ، فلم يكن لهم ملجأ إلا الفرات ، وغرق من أصحابه خلق كثير ، وقتل جماعة وأسر جماعة .

وأما الفرسان فهربوا لا يلوون على شيء ، والقواد ينادونهم : الرجعة ، فلم يرجع أحد ، فخافوا على نفوسهم ، فرجعوا يحمون أصحابهم ، وأخذ الأتراك عسكر الحسين بما فيه من الأموال والخلع التي كانت معه ، وسلم ما كان معه من سلاح في السفن ، لأن الملاحين حذروا السفن ، فسلم ما معهم من سلاح وغير ذلك .

ووصل المنهزمون إلى الياسرية لست خلون من جمادى الآخرة ، ولقي الحسين رجل من التجار ممن ذهبت أموالهم ، فقال : الحمد لله الذي بيض وجهك ، أصعدت في اثني عشر يوما ، وانصرفت في يوم واحد ! فتغافل عنه .

ولما اتصل خبر الهزيمة بمحمد بن عبد الله بن طاهر منع المنهزمين من دخول بغداد ، ونادى : من وجدناه ببغداذ من عسكر الحسين ، بعد ثلاثة أيام ، ضرب ثلاثمائة سوط ، وأسقط من الديوان ، فخرج الناس إلى الحسين بالياسرية ، وأخرج إليهم [ ابن ] عبد الله جندا آخر ، وأعطاهم الأرزاق ، وأمر بعض الناس ليعلم من قتل ، ومن غرق ، ومن سلم ، ففعلوا ذلك .

[ ص: 223 ] وأتاهم كتاب بعض عيونهم من الأنبار يخبرهم أن القتلى كانت من الترك أكثر من مائتين ، والجرحى نحو أربع مائة ، وأن جميع من أسره الأتراك مائتان وعشرون رجلا ، وأنه عد رؤوس القتلى فكانت سبعين رأسا ، وكانوا أخذوا جماعة من أهل الأسواق فأطلقوهم ، فرحل الحسين لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الآخرة ، وسار حتى عبر نهر أربق ، فلما كان السبت لثمان خلون من رجب أتاه إنسان فأعلمه أن الأتراك يريدون العبور إليه في عدة مخاضات ، فضربه ، ووكل بمواضع المخاض رجلا من قواده يقال له الحسين بن علي بن يحيى الأرمني في مائتي رجل ، فأتى الأتراك المخاضة ، فرأوا الموكل بها ، فتركوها إلى مخاضة أخرى ، فقاتلوهم ، وصبر الحسين بن علي ، وبعث إلى الحسين بن إسماعيل أن الأتراك قد وافوا المخاضة ، فقيل للرسول : الأمير نائم ، فأرسل آخر ، فقيل له : الأمير في المخرج ، فأرسل آخر ، فقيل [ له ] : الأمير قد عاد فنام ، فعبر الأتراك ، فقعد الحسين بن علي في زورق وانحدر ، وهرب أصحابه منهزمين ، وقتل الأتراك منهم وأسروا نحو مائتين ، وانحدرت عامة السفن فسلمت ، ووضع الأتراك السيف ، وغرق خلق كثير من الناس ، فوصل المنهزمون بغداد نصف الليل ، ووافى بقيتهم في النهار ، واستولى الأتراك على أثقالهم وأموالهم ، وقتل عدة من قواد الحسين ، فقال الهندواني في الحسين :


يا أحزم الناس رأيا في تخلفه عن القتال خلطت الصفو بالكدر     لما رأيت سيوف الترك مصلتة
علمت ما في سيوف الترك من قدر     فصرت مضجرا ذلا ومنقصة
والنجح يذهب بين العجز والضجر

ولحق فيها جماعة من الكتاب وبني هاشم بالمعتز ، فمن بني هاشم علي ومحمد ابنا الواثق وغيرهما .

ثم كانت بينهم عدة وقعات ، وقتل فيها من الفريقين جماعة ، ودخل الأتراك في بعض تلك الحروب إلى بغداد ، ثم تكاثر الناس عليهم فأخرجوهم منها .

[ ص: 224 ] وجرى بين أبي الساج وجماعة من الأتراك ( وقعة ، فهزمهم أبو الساج ، ثم واقعوه أخرى ، فتخلى عنه بعض أصحابه فانهزم ، ودخل الأتراك المدائن ، وخرجت الأتراك ) الذين بالأنبار في سواد بغداد من الجانب الغربي ، حتى بلغوا صرصر وقصر ابن هبيرة .

وفي ذي القعدة كانت وقعة عظيمة ، خرج محمد بن عبد الله بن طاهر في جميع القواد والعسكر ، ونصب له قبة وجلس فيها ، واقتتل الناس قتالا شديدا ، فانهزمت الأتراك ودخل أهل بغداد عسكرهم ، وقتلوا منهم خلقا كثيرا ، وهربوا على وجوههم لا يلوون على شيء ، فكلما جيء برأس يقول بغا : ذهبت الموالي ، وساء ذلك من مع بغا ووصيف من الأتراك .

ووقف أبو أحمد بن المتوكل يرد الأتراك ، ويخبرهم أنهم إن لم يرجعوا لم يبق لهم بقية ، وتبعهم أهل بغداد إلى سامرا ، فتراجعوا إليه ، وإن بعض أهل بغداد رجعوا عن المنهزمين ، فرأى أصحابهم أعلامهم ، فظنوها أعلام الأتراك قد عادت ، فانهزموا نحو بغداد مزدحمين ، وتراجع الأتراك إلى عسكرهم ، ولم يعلموا بهزيمة أهل بغداد ، فتحملوا عليهم .

وفي ذي الحجة وجه أبو أحمد خمس سفائن مملوءة طعاما ودقيقا إلى ابن طاهر .

وفي ذي الحجة علم الناس بما عليه ابن طاهر من خلع المستعين والبيعة للمعتز ، ووجه قواده إلى أبي أحمد ، فبايعوه للمعتز ، وكانت العامة تظن أن الصلح جرى على أن الخليفة المستعين والمعتز ولي عهده .

وفي ذي الحجة أيضا خرج رشيد بن كاوس أخو الأفشين ، وكان موكلا بباب السلامة ، إلى الأتراك ، وسار معهم إلى أبي أحمد ، ثم عاد إلى أبواب بغداد يقول للناس : إن أمير المؤمنين المعتز ، وأبا أحمد يقرآن عليكم السلام ، ويقولان : من أطاعنا وصلناه ، ومن أبى فهو أعلم .

[ ص: 225 ] فشتمه الناس ، وعلموا بما عليه محمد بن عبد الله بن طاهر ، فعبرت العامة إلى الجزيرة التي حذاء داره ، فشتموه أقبح شتم ، ثم ساروا إلى باب داره ففعلوا به مثل ذلك ، وقاتلوا من على بابه حتى كشفوهم ، ودخلوا دهليز داره ، وأرادوا إحراق داره فلم يجدوا نارا ، وبات منهم بالجزيرة جماعة يشتمونه وهو يسمع ، فلما ذكروا اسم أمه ضحك ، وقال : ما أدري كيف عرفوه ، وقد كان أكثر جواري أبي لا يعرفون اسمها . فلما كان الغد فعلوا مثل ذلك ، فسار محمد إلى المستعين ، وسأله أن يطلع إليهم ويسكتهم ، ففعل ، وقال لهم : إن محمدا لم يخلع ، ولم أتهمه ، ووعدهم أن يصلي بهم الجمعة ، فانصرفوا .

ثم ترددت الرسل بين محمد بن عبد الله وبين أبي أحمد مع حماد بن إسحاق ( بن حماد ) بن يزيد ، وثار قوم من رجالة الجند ، وكثير من العامة ، فطلب الجند أرزاقهم ، وشكت العامة سوء الحال ، وغلاء السعر ، وقالوا : إما خرجت ، فقابلت ، وإما تركتنا ، فوعدهم الخروج ، أو فتح باب الصلح ، ثم جعل على الجسور وبالجزيرة وبباب داره الرجال والخيل ، فحضر الجزيرة بشر كثير ، فطردوا من كان بها ، وقاتلوا الناس .

وأرسل محمد بن عبد الله إلى الجند يعدهم رزق شهرين ، وأمرهم بالنزول ، فأبوا وقالوا : لا نفعل حتى نعلم نحن والعامة على أي شيء نحن ، فخرج إليهم بنفسه ، فقالوا له : إن العامة قد اتهموك بخلع المستعين ، والبيعة للمعتز ، وتوجيهك القواد بعد القواد ، ويخافون دخول الأتراك والمغاربة إليهم ، فإن يفعلوا بهم كما عملوا في المدائن والأنبار ، فهم يخافون على أنفسهم وأولادهم وأموالهم ، وسألوا إخراج الخليفة إليهم ليروه ويكذبوا ما بلغهم ، فلما رأى محمد ذلك سأل المستعين الخروج إليهم ، فخرج إلى دار العامة ، ودخل إليه جماعة من الناس ، فنظروا إليه ، وخرجوا ، فأعلموا الناس الخبر ، فلم ينتفعوا بذلك ، فأمر المستعين بإغلاق الأبواب ، وصعد سطح دار العامة ، ومحمد بن عبد الله معه ، فرآه الناس وعليه البردة وبيده القضيب ، فكلم الناس ، وأقسم عليهم بحق صاحب البردة إلا انصرفوا ( فإنه آمن ) لا بأس عليه من محمد ، فسألوه الركوب معهم والخروج من دار محمد لأنهم لا يأمنونه عليه ، فوعدهم ذلك .

[ ص: 226 ] فلما رأى ابن طاهر فعلهم عزم على النقلة عن بغداد إلى المدائن ، فأتاه وجوه الناس ، وسألوه الصفح ، واعتذروا بأن ذلك فعل الغوغاء والسفهاء ، فرد عليهم ردا جميلا .

وانتقل المستعين عن داره في ذي الحجة ، وأقام بدار رزق الخادم بالرصافة ، وسار بين يديه محمد بن عبد الله ( بالحربة ) ، فلما كان من الغد اجتمع الناس بالرصافة ، فأمروا القواد وبني هاشم بالمسير إلى دار محمد بن عبد الله والعود معه إذا ركب ، ففعلوا ذلك ، فركب محمد في جمع وتعبئة ، ووقف للناس وعاتبهم ، وحلف أنه ما يريد للمستعين ، ولا لولي له ، ولا لأحد من الناس سوءا ، وأنه ما يريد إلا إصلاح أحوالهم ، حتى بكى ( الناس ) ودعوا له ، ( وسار إلى المستعين ) .

وكان ابن طاهر مجدا في أمر المستعين ، حتى غيره عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وقال له : إن هذا الذي تنصره ، وتجد في أمره ، من أشد الناس نفاقا ، وأخبثهم دينا ، والله لقد أمر وصيفا وبغا بقتلك ، فاستعظما ذلك ولم يفعلاه ، وإن كنت شاكا في قولي فسل تخبره ، وإن من ظاهر نفاقه أنه كان بسامرا لا يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته ، فلما صار إليك جهر بها مراءاة لك ، وترك نصرة وليك ، وصهرك ، وتربيتك ، ونحو ذلك من كلام كلمه به ، فقال محمد : أخزى الله هذا ، ما يصلح لدين ولا لدنيا ! ثم ظاهر عبيد الله بن يحيى بأحمد بن إسرائيل ، والحسن بن مخلد .

فلما كان يوم الأضحى صلى المستعين بالناس ، ثم حضر محمد بن عبد الله عند المستعين وعند الفقهاء والقضاة ، فقال له : قد كنت فارقتني على أن تنفذ أمري في كل ما أعزم عليه ، وخطك عندي بذلك ، فقال المستعين : أحضر الرقعة ، فأحضرها ، فإذا فيها [ ص: 227 ] ذكر الصلح ، وليس فيها ذكر الخلع ، فقال : نعم أمض الصلح ، فخرج محمد إلى ظاهر باب الشماسية ، فضرب له مضرب ، فنزل إليه ومعه جماعة من أصحابه ، وجاء أبو أحمد في سميرية ، فصعد إليه ، فتناظرا طويلا ، ثم خرجا ، فجاء ابن طاهر إلى المستعين ، فأخبره أنه بذل له خمسين ألف دينار ، ويقطع عليه ثلاثين ألف دينار ، وعلى أن يكون مقامه بالمدينة ، يتردد منها إلى مكة ، ويخلع نفسه من الخلافة ، وأن يعطى بغا ولاية الحجاز جميعه ، ويولى وصيف الجبل وما والاه ، ويكون ثلث ما يجبى من المال لمحمد بن عبد الله وجند بغداد ، والثلثان للموالي والأتراك ، فامتنع المستعين من الإجابة إلى الخلع ، وظن أن وصيفا وبغا معه يكاشفان ، فقال : النطع والسيف ، فقال له ابن طاهر : أما أنا فأقعد ، ولا بد لك من خلعها طائعا أو مكرها ! فأجاب إلى الخلع .

وكان سبب إجابته إلى الخلع أن محمدا وبغا ووصيفا لما ناظروه في الخلع أغلظ عليهم ، فقال وصيف : أنت أمرتنا بقتل باغر ، فصرنا إلى ما نحن فيه ، وأنت أمرتنا بقتل أتامش ، وقلت إن محمدا ليس بناصح ، وما زالوا يفزعونه ، وقال محمد : وقد قلت لي إن أمرنا لا يصلح إلا باستراحتنا من هذين الاثنين ، فلما رأى ذلك أذعن بالخلع ، وكتب بما أراد لنفسه من الشروط ، وذلك لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة .

وجمع محمد الفقهاء والقضاة ، وأدخلهم على المستعين ، وأشهدهم عليه أنه قد صير أمره إلى محمد بن عبد الله ، ثم أخذ منه جوهر الخلافة .

وبعث ابن طاهر إلى قواده ليوافوه ، ومع كل قائد عشرة نفر من وجوه أصحابه ، فأتوه فمناهم ، وقال لهم : ما أردت بما فعلت إلا صلاحكم وحقن الدماء . وأمرهم بالخروج إلى المعتز في الشروط التي شرطها المستعين لنفسه ولقواده ، ليوقع المعتز عليها بخطه ، ثم أخرجهم إلى المعتز ، فمضوا إليه ، فأجاب إلى ما طلبوا ، ووقع عليه بخطه ، [ ص: 228 ] وشهدوا على إقراره ، وخلع عليهم ، ووجه معهم من يأخذ البيعة على المستعين ، وحمل إلى المستعين أمه وعياله ، بعدما فتشوا ، وأخذوا ما معهم ، وكان دخول الرسل بغداد من عند المعتز لست خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية