الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر الحرب بين عسكر المعتضد ، وأولاد أبي دلف

وفيها سار عبيد الله بن سليمان إلى عمر بن عبد العزيز بن أبي دلف بالجبل ، فسار عمر إليه بالأمان في شعبان ، فأذعن بالطاعة ، فخلع عليه وعلى أهل بيته .

وكان قبل ذلك قد دخل بكر بن عبد العزيز بالأمان إلى عبيد الله بن سليمان وبدر ، فولياه عمل أخيه على أن يسير إليه فيحاربه ، فلما دخل عمر في الأمان قالا لبكر : إن أخاك قد دخل في الطاعة ، وإنما وليناك عمله على أنه عاص ، والمعتضد يفعل في أمركما ما يراه ، فامضيا إلى بابه .

[ ص: 492 ] وولي النوشري أصبهان ، وأظهر أنه من قبل عمر بن عبد العزيز ، فهرب بكر بن عبد العزيز ، فكتب عبيد الله إلى المعتضد بذلك ، فكتب إلى بدر ليقيم بمكانه إلى أن يعرف حال بكر .

وسار الوزير إلى علي بن المعتضد بالري ، ولحق بكر بن عبد العزيز بالأهواز ، فسير المعتضد إليه وصيف بن موشكير ، فسار إليه ، فلحقه بحدود فارس ، وباتا متقابلين ، وارتحل بكر إلى أصبهان ( ليلا ، فلم يتبعه وصيف ، بل رجع إلى بغداذ ، وسار بكر إلى أصبهان ) ، فكتب المعتضد إلى بدر يأمره بطلب بكر وحربه ، فأمر بدر عيسى النوشري بذلك ، فقال بكر :


عني ملامك ليس حين ملام هيهات أجدب زائد الأيام     ظأرت عنايات الصبا عن مفرقي
ومضى أوان شراستي وغرامي     ألقى الأحبة بالعراق عصيهم
وبقيت نصب حوادث الأيام     وتقاذفت بأخي النوى ورمت
به رمي العبيد قطيعة الأرحام     فلأقرعن صفاة دهر نابهم
قرعا يهز رواسي الأعلام     ولأضربن الهام دون حريمهم
ضرب القدار بقيعة القدام     ولأتركن الواردين حياضهم
بقرارة لموطئ الأقدام     يا بدر إنك لو شهدت مواقفي
والموت يلحظ والسيوف دوامي     لذممت رأيك في إضاعة حرمتي
ولضاق ذرعك في اطراح ذمامي

[ ص: 493 ]     حركتني بعد السكون وإنما
حركت من حصن جبال تهام     وعجمتني فعجمت مني من حمى
خشن المناكب كل يوم زحام     قل للأمير أبي محمد الذي
يجلو بغرته دجى الإظلام     أسكنتني ظل العلا فسكنته
في عيشة رغد وعز نام     حتى إذا خليت عني نابني
نوب أتت وتنكرت أيامي     فلأشكرن جميل ما أوليتني
ما غردت في الأيك ورق حمام     هذا أبو حفص يدي وذخيرتي
للنائبات وعدتي وسنامي     ناديته فأجابني وهززته فهززت
حد الصارم الصمصام     من رام أن يغضي الجفون على
القذى أو يستكين يروم غير مرام     ويخيم حين يرى الأسنة شرعا
والبيض مصلتة لضرب الهام



ثم إن النوشري انهزم عن بكر ، فقال بكر يذكر هربه ، ويعير وصيفا بالإحجام عنه ، ويتهدد بدرا [ في أبيات ] منها :


قد رأى النوشري حين التقينا     من إذا أشرع الرماح يفر
جاء في قسطل لهام فصلنا     صولة دونها الكماة تهر


[ ص: 494 ] ولواء النوشري آثار نار     رويت عند ذاك بيض وسمر
غر بدرا حلمي وفضل أتاني     واحتمالي للعبء مما يغر
سوف يأتيه من خيولي قب     لاحقات البطون جون وشقر
يتنادون كالسعالي عليها     من بني وائل أسود تكر
لست بكرا إن لم أدعهم حديثا     ما سرى كوكب وما كر دهر



التالي السابق


الخدمات العلمية