ذكر يحيى بن محمد البحراني قتل
وفيها أسر يحيى بن محمد البحراني قائد صاحب الزنج ، وكان سبب ذلك أنه لما سار نحو نهر العباس لقيه عسكر أصعجور عامل الأهواز بعد منصور ، وقاتلهم ، وكان أكثر منهم عددا ، فنال ذلك العسكر من الزنج بالنشاب ، وجرحوهم ، فعبر يحيى النهر إليهم ، فانحازوا عنه ، وغنم سفنا كانت مع العسكر ، فيها الميرة ، وساروا بها إلى عسكر صاحب الزنج على غير الوجه الذي فيه علي بن أبان ، لتحاسد كان بينه وبين يحيى .
ووجه يحيى طلائعه إلى دجلة ، فلقيهم جيش سائرين إلى نهر أبي أحمد الموفق أبي الأسد ، فرجعوا إلى علي ، فأخبروه بمجيء الجيش ، فرجع من الطريق الذي كان سلكه ، وسلك نهر العباس ، وعلى فم النهر شذوات لحمية من عسكر الخليفة ، فلما رآهم يحيى راعه ذلك ، وخاف أصحابه فنزلوا السفن ( وعبروا النهر ، ولقي يحيى ومن معه بضعة عشر رجلا ، فقاتلهم هو وذلك النفر ) اليسير ، فرموهم بالسهام ، فجرح ثلاث جراحات ; فلما جرح تفرق أصحابه عنه ، ( ولم يعرف حتى يؤخذ ) ، فرجع حتى دخل بعض السفن [ ص: 305 ] وهو مثخن بالجراح .
وأخذ أصحاب السلطان الغنائم ، وأخذوا السفن ، وعبروا إلى سفن كانت للزنج فأحرقوها ، وتفرق الزنج عن يحيى بقية نهارهم ، فلما رأى ( تفرقهم ركب سميرية ، وأخذ معه طبيبا لأجل الجراح ، وسار فيها ، فرأى ) الملاحون سميريات السلطان ، فخافوا ، فألقوا يحيى ومن معه على الأرض ، فمشى وهو مثقل ، وقام الطبيب الذي معه فأتى أصحاب السلطان فأخبرهم خبره .
فأخذوه وحملوه إلى أبي أحمد ، فحمله أبو أحمد إلى سامرا ، فقطعت يداه ورجلاه ، ثم قتل ، فجزع الخبيث ، والزنوج عليه جزعا كبيرا ، وقال لهم : لما قتل يحيى اشتد جزعي عليه ، فخوطبت أن قتله كان خيرا لك ، إنه كان شرها .