ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قتل رجل من أصحاب مساور الشاري محمد بن هارون بن المعمر ، رآه وهو يريد سامرا ، فقتله ، وحمل رأسه إلى مساور ، فطلبت ربيعة بثأره ، فندب مسرور البلخي ، وغيره إلى أخذ الطرق على مساور .
وفيها اشتد الغلاء في عامة بلاد الإسلام ، فانجلى من أهل مكة كثير ، ورحل عنها عاملها ، وهو برية ، وبلغ الكر [ من ] الحنطة ببغداذ عشرين ومائة دينار ، ودام ذلك شهورا .
وفيها منجورا والي حمص ، واستعمل عليها قتلت الأعراب بكتمر .
وفيها العلاء بن أحمد الأزدي عامل أذربيجان ، وكان سبب قتله أنه فلج ، فاستعمل الخليفة مكانه قتل أبا الرديني عمر بن علي ، فلما قاربها خرج إليه العلاء ، فتحاربا ، فقتل العلاء ، وانهزم أصحابه ، وأخذ أبو الرديني ما خلفه العلاء ، وكان مبلغه ألفي ألف وسبعمائة ألف درهم .
وحج بالناس إبراهيم بن محمد بن إسماعيل المعروف ببرية ، وهو أمير مكة .
وفيها ظهر بمصر إنسان يكنى أبا روح ، واسمه سكن ، وكان من أصحاب ابن الصوفي ، واجتمع له جماعة ، فقطع الطريق ، وأخاف السبيل ، فوجه إليه [ ص: 319 ] جيشا ، فوقف ابن طولون أبو روح في أرض كثيرة الشقوق ، وقد كان بها قمح فحصد ، وبقي من تبنه على الأرض ما يستر الشقوق ، وقد ألفوا المشي على مثل هذه الأرض .
فلما جاءهم الجيش لقوهم ، ثم انهزم أصحاب أبي روح ، فتبعهم عسكر ، فوقعت حوافر خيولهم في تلك الشقوق ، فسقط كثير من فرسانها عنها ، وتراجع أصحاب ابن طولون أبي روح عليهم فقتلوهم شر قتلة وانهزم الباقون أسوأ هزيمة .
فسير أحمد جيشا إلى طريقهم إلى الواحات ، وجيشا في طلبه ، فلقيه الجيش الذي في طلبه وقد تحصن في تلك الأرض ، فحذرها عسكر أحمد ، فحين بطلت حيلهم انهزم ، وتبعهم العسكر ، فلما خرجوا إلى طريق الواحات رأى أبو روح الطريق قد ملكت عليه ، فراسل يطلب الأمان ، فبذل له ، وبطلت الحرب ، وكفي المسلمون شره .