ذكر من رافع بن هرثمة خراسان وقتله عزل
وفيها عزل المعتضد عن رافع بن هرثمة خراسان .
وسبب ذلك أن المعتضد كتب إلى رافع بتخلية قرى السلطان بالري ، فلم يقبل ، فأشار على رافع أصحابه برد القرى لئلا يفسد حاله بكتاب ، فلم يقبل أيضا ، وكتب المعتضد إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف بأمره بمحاربة رافع وإخراجه عن الري ، وكتب إلى عمرو بن الليث بتوليته خراسان .
ثم إن أحمد بن عبد العزيز لقي رافعا فقاتله ، فانهزم رافع عن الري ، وسار إلى جرجان ، ومات أحمد بن عبد العزيز سنة ثمانين ومائتين ، فعاد رافع إلى الري ، فلاقاه عمرو ، وبكر ابنا عبد العزيز ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم عمرو وبكر ، وقتل من أصحابهما مقتلة عظيمة ، ووصلوا إلى أصبهان ، وذلك في جمادى الأولى سنة ثمانين [ ومائتين ] .
وأقام رافع بالري باقي سنته ، ومات علي بن الليث معه في الري .
ثم إن عمرو بن الليث وافى نيسابور في جمادى الأولى سنة ثمانين [ ومائتين ] ، [ ص: 472 ] واستولى عليها ، وعلى خراسان ، فبلغ الخبر إلى رافع ، فجمع أصحابه ، واستشارهم فيما يفعل ، وقال لهم : إن الأعداء قد أحدقوا بنا ، ولا آمن أن يتفقوا علينا ; هذا محمد بن زيد بالديلم ينتظر فرصة لينتهزها ; وهذا عمرو بن عبد العزيز قد فعلت به ما فعلت ، فهو يتربص الدوائر ; وهذا عمرو بن الليث قد وافى خراسان بجموعه ، وقد رأيت أن أصالح محمد بن زيد ، وأعيد إليه طبرستان ، وأصالح ابن عبد العزيز ، ثم أسير إلى عمرو ، فأخرجه عن خراسان ، فوافقوه على ذلك ، وأرسل إلى ابن عبد العزيز فصالحه ، واستقر الأمر بينهما في شعبان سنة ثمانين [ ومائتين ] .
ثم سار إلى طبرستان ، فوردها في شعبان سنة إحدى وثمانين [ ومائتين ] ، وكان قد أقام بجرجان ، فأحكم أمورها ، ولما استقر بطبرستان راسل محمد بن زيد ، وصالحه ، ووعده محمد بن زيد أن ينجده بأربعة آلاف رجل من شجعان الديلم .
وخطب لمحمد بطبرستان ، وجرجان في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين ومائتين .
وبلغ خبر مصالحة محمد بن زيد ورافع إلى عمرو بن الليث ، فأرسل إلى محمد يذكره ما فعل به ، ويحذره منه و [ من ] غدره إن استقام أمره ، فعاد عن إنجاده بعسكر .
فلما قوي عمرو عرف لمحمد بن زيد ذلك ، وخلى عليه طبرستان ; ولما أحكم رافع أمر محمد بن زيد سار إلى خراسان ، فورد نيسابور في ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، وجرى بينه وبين عمرو حرب شديدة انهزم فيها رافع إلى أبيورد ، وأخذ عمرو منه المعدل ، والليث ولدي أخيه علي بن الليث ، وكانا عنده بعد موت أخيه علي .
ولما ورد رافع أبيورد أراد المسير إلى هراة ( أو مرو ) ، فعلم عمرو بذلك ، فأخذ عليه الطريق بسرخس ، فلما علم رافع بمسير عمرو عن نيسابور سار على مضايق ، وطرق غامضة غير طريق الجيش إلى نيسابور ، فدخلها ، وعاد إليه عمرو من سرخس فحصره فيها ، وتلاقيا ، واستأمن بعض قواد رافع إلى عمرو ، فانهزم رافع ، وأصحابه ، وسير أخاه محمد بن هرثمة إلى محمد بن زيد يستمده ، ويطلب ما وعده من الرجال ، فلم يفعل ، ولم يمده برجل واحد ، وتفرق عن رافع أصحابه وغلمانه ، وكان له أربعة آلاف غلام ، ولم يملك أحد من ولاة خراسان قبله مثله ، وفارقه محمد بن هارون إلى إسماعيل بن [ ص: 473 ] أحمد الساماني ببخارى ، وخرج رافع منهزما إلى خوارزم على الجمازات ، وحمل ما بقي معه من مال وآلة ، وهي في شرذمة قليلة ، وذلك في رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائتين .
فلما بلغ رباط جبوه وجه إليه خوارزمشاه أبا سعيد الدرغاني ليقيم له الأنزال ، ويخدمه إلى خوارزم ، فرآه أبو سعيد في قلة من رجاله ، وغدر به ، وقتله لسبع خلون من شوال سنة ثلاث وثمانين ومائتين ، وحمل رأسه إلى عمرو بن الليث ، وهو بنيسابور ، وأنفذ عمرو الرأس إلى المعتضد بالله ، فوصل إليه سنة أربع وثمانين [ ومائتين ] ، فنصب ببغداذ .
وصفت خراسان إلى شاطئ جيحون لعمرو .