ص ( ولا يدفعه عزل أو وطء بدبر أو فخذين إن أنزل )
ش : يعني أن الولد لا يندفع [ ص: 357 ] عنه بقوله : كنت أعزل إذا أقر أنه كان ينزل ، ولا يندفع عنه بأنه كان يأتيها في دبرها إذا أقر بالإنزال ، ولا يندفع بالوطء بين الفخذين إذ الأقرب الإنزال أيضا ، فقوله : " إن أنزل " قيد في المسائل الثلاث قال في سماع عيسى بن معاوية من ابن القاسم من كتاب الاستبراء وأمهات الأولاد ، قال ابن القاسم : من زعم أنه وطئ جاريته ، وأنه يعزل فأتت بولد فإنها أم ولده إلا أن يدعي الاستبراء ، قال ابن القاسم : ومن فلا يلحقه ، ولا تكون أم ولد إلا إن زعم أنه كان يفضي وينزل ويعزل فالعزل قد يخطئ ويصيب ولذلك ألزمه الولد ، وإذا قال : كنت أطأ ولا أنزل فإنه ليس ههنا موضع خوف في أن يكون قد أفضى فيها بالعزل فلذلك لم يلزمه الولد ، زعم أنه لا يطأ جاريته ولا ينزل فأتت بولد ابن رشد هذا بين ; لأن الولد إنما يكون من الماء الدافق ، قال الله عز وجل { فلينظر الإنسان مم خلق خلق من ماء دافق } ، فإذا لم ينزل أصلا علم أنه لم يكن ما يكون عنه الولد فوجب أن لا يلزمه ، وإذا احتمل أن يكون لم يعزله بجملته وسبقه شيء كان عنه الولد فوجب أن يلزمه ; لأنها صارت فراشا له بوطئه إياها فوجب أن يلحق به حتى يوقن أنه ليس منه وطئ وأنزل ، فعزل الماء عن الموطوءة ، وأنزل خارجا منها
وقوله : صلى الله عليه وسلم في حديث العزل { } . إخبار أن الولد قد يكون مع العزل إذا شاء الله أن يكون . وقال في آخر كتاب الاستبراء من المدونة : ومن قال : كنت أطأ أمتي ولا أنزل فيها فإن الولد يلحقه ولا ينفعه أن يقول : كنت أعزل ، فذهب بعض الناس إلى أن ذلك خلاف رواية ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة موسى هذه في قوله فيها أنه من قال : كنت أطأ ، ولا أنزل أن الولد لا يلحقه ، ومنهم من قال كنت أعزل وليس شيء من ذلك كله بصحيح ; لأن في قوله : ولا أنزل فيها دليل على أنه كان ينزل خارجا عنها وهذا هو العزل بعينه فعنه سأله ، وعليه أجابه فلا خلاف في رواية موسى لما في المدونة وهي مفسرة لها انتهى . قال الشيخ أبو الحسن في شرح قوله في المدونة في أول كتاب أمهات الأولاد : " ومن أقر بوطء أمته ولم يدع الاستبراء لزمه ما أتت به من ولد لأقصى ما تلد النساء له إلا أن يدعي الاستبراء بحيضة " ، قال قوله : ومن أقر بوطء أمته . يريد الوطء التام وأما إن قال كنت لا أنزل كان القول قوله ويحلف ، وإن قال : كنت أعزل لحق به انتهى .
وقال في التوضيح بعد أن نقل الكلام على العزل قال ابن القاسم : ولو قال كنت أطأ ولا أنزل لم ألزمه الولد انتهى . وأما مسألة الوطء في الدبر فلا بد من اشتراط الإنزال فيها ; لأنه إذا اشترط في القبل فأحرى هو ، وأما مسألة الوطء بين الفخذين ، فنص عليهما في آخر كتاب الاستبراء من المدونة ، ونصه : " إن لم يلزمه قال قال البائع : كنت أفخذ ، ولا أنزل وولدها ليس مني أبو الحسن قال عياض ; لأنه لو قدرنا هنا إنزالا بين الفخذين فهو يسير ، ولا يصل ليسارته للفرج بخلاف لو أنزل هناك ماءه كله أو كثيرا منه فهذا يخشى أن يسري إلى الفرج قال ابن المواز : كل وطء في موضع إن أنزل عنه وصل إلى الفرج لحق به الولد ، قال الشيخ أبو الحسن جعلها عياض على ثلاثة أوجه إن كان وطؤه ، وإنزاله في الأعكان ، وغير ذلك من جسدها مما يتحقق أنه لا يصل إلى الفرج منه فهذا لا يلحق به عندهم ولد " انتهى . الثاني : أن يكون بين الفخذين وقد تقدم ، الثالث : أن يكون بين الشفرين فهذا لم يختلف فيه في لحوق الولد منه وكذلك اختلف في إلحاقه من الوطء في الدبر انتهى . ثم قال في مسألة العزل : { وقد نزل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل كنت أعزل فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الوكاء ينفلت } وألحق به الولد قال عياض : الوكاء بكسر الواو ممدود استعارة وتشبيه بخروج الماء في الفرج قبل العزل ، والوكاء الخيط الذي يشد به فم القربة انتهى .