[ ص: 355 ] فصل في تشطير المهر وسقوطه ( الفرقة ) في الحياة كما علم من كلامه السابق
( ) كفسخها بعيبه أو بإعساره أو بعتقها ، وكردتها أو إسلامها ولو تبعا ، أو إرضاعها له أو لزوجة أخرى له ; أو ملكها له أو ارتضاعها كأن دبت ورضعت من أمه مثلا قبل وطء منها
( أو بسببها كفسخه بعيبها تسقط المهر ) المسمى ابتداء والمفروض بعد ومهر المثل لأن فسخها إتلاف للمعوض قبل التسليم فأسقط عوضه كإتلاف البائع المبيع قبل القبض ، وفسخه الناشئ عنها كفسخها ، وإنما لم يلزم أباها المسلم مهرها مع أنه فوت بذلك بضعها بناء على أن تبعيتها فيه كاستقلالها ، بخلاف المرضعة يلزمها المهر وإن لزمها الإرضاع لتعينها لأن لها أجرة تجبر ما تغرمه والمسلم لا شيء له ، فلو غرم لنفر عن الإسلام ولأجحفنا به وجعل عيبها كفسخها ولم يجعل عيبه كفراقه لأنه بذل العوض في مقابلة منافع سليمة ولم يتم بخلافها .
وإنما مكنت من الفسخ مع أن ما قبضته سليم لدفع ضررها ، فإذا اختارت دفعه فلترد بدله ، وقضية إطلاقهما كغيرهما عدم الفرق بين المقارن للعقد والحادث في حالة فسخه بعيبها وهو كذلك ، وإن قيده الماوردي بالمقارن وجعل الحادث كالطلاق
( ومالا ) يكون منها ولا بسببها
( كطلاق ) ولو خلعا أو رجعيا بأن استدخلت ماءه المحترم ، ويفرق بين هذا وإسقاط الخلع إثم الطلاق البدعي بأن المدار ثم على ما يحقق الرضا منها بلحوق الضرر وقد وجد ، ولا كذلك هنا وإن فوضه إليها فطلقت نفسها أو علقه بفعلها ففعلت
( وإسلامه ) ولو تبعا
( وردته ولعانه وإرضاع أمه ) لها وهي صغيرة
( أو ) إرضاع
( أمها ) له وهو صغير وملكه لها
( يشطره ) أي ينصفه للنص عليه في الطلاق بقوله تعالى { فنصف ما فرضتم } وقياسا عليه في الباقي ، ومر أنه لو فلا مهر فلو عتقا ثم طلق قبل وطء فلا شطر ، ومثله ما لو زوج أمته بعبده فيرجع الكل لمالك أذن لعبده في أن يتزوج أمة غيره برقبته ففعل ثم طلق قبل الوطء
[ ص: 356 ] الأمة ، أما النصف المستقر فواضح ، وأما النصف الراجع بالطلاق فهو إنما يرجع للزوج إن تأهل ، وإلا فلمن قام مقامه ، وهو هنا مالكه عند الطلاق لا العقد لأنه صار الآن أجنبيا عنه بكل تقدير ، ولو أعتقه مالكه أو باعه ثم انفسخ أو طلق قبل وطء رجع هو أو سيده على المعتق أو البائع بقيمته أو نصفها لأنه ومشتريه حينئذ المستحق عند الفراق ، وسكت عما لو ارتدا معا وحكمه تشطير المهر على الصحيح ، بخلاف ما سيأتي في نظيره في المتعة ، ويلحق بالموت مسخ أحدهما جمادا ، بخلاف مسخه حيوانا ، فإن كان الزوج وكان قبل الدخول فإنه تتنجز الفرقة كما في التدريب ، ولا يسقط شيء من المهر إذ لا يتصور عوده للزوج لانتفاء أهلية تملكه ولا للورثة لأنه حي فيبقى للزوجة ، قاله تخريجا ، وإنما قلنا تتنجز الفرقة بعد الدخول بمسخه حيوانا ، ولم ينتظر عوده إنسانا في العدة كالردة لأنه قد خرج عن الإنسانية فلم يبق من جنس من يصح نكاحه وعوده ليس باختياره بخلاف المرتد ، ولاطراد العادة الإلهية بعدم عود الممسوخ ، ولا كذلك المرتد فإنه يعود كثيرا ، ولو مسخت حيوانا حصلت الفرقة من جهتها وعاد كل المهر للزوج كما في التدريب
( ثم قيل معنى التشطير أن له خيار الرجوع ) في النصف إن شاء تملكه وإن شاء تركه إذ لا يملك قهرا غير الإرث وهو على التراخي كما اقتضاه كلام الرافعي ، لأنه جعله كخيار الواهب
( والصحيح عوده ) أي النصف إليه إن كان هو المؤدي عن نفسه أو أداه عنه وليه وهو أب أو جد وإلا عاد للمؤدي كما رجحاه ، وإن أطال الأذرعي في رده
( بنفس الطلاق ) أي الفراق وإن لم يختره للآية ودعوى الحصر ممنوعة ، ألا ترى أن السالب يملك قهرا وكذا من أخذ صيدا ينظر إليه ، نعم لو سلمه العبد من
[ ص: 357 ] من كسبه أو مال تجارته ثم فسخ أو طلق قبل وطء عاد النصف أو الكل لسيده ، عند الفراق لها لا الإصداق ، ووقع لبعض الشراح عكس ذلك وهو غير صحيح ، فإن عتق ولو مع الفراق عاد له
( فلو زاد ) الصداق
( بعده ) أي الفراق
( فله ) كل الزيادة منفصلة أو متصلة أو نصفها لحدوثها من ملكه أو من مشترك بينهما أو نقص بعد الفراق في يدها ضمنت الأرش كله أو نصفه تعدت بمنعها له بعد طلبه أو لا : أي لأن يدها عليه يد ضمان وملكه له بنفس الفراق مستقر ، وبه يفرق بين هذه وما مر فيما لو تعيب الصداق بيده قبل قبضها لأن ملكها الآن لم يستقر فلم يقو على إيجاب أرش لها كما علم مما مر أو في يده فكذلك إن جنى عليه أجنبي أو هي .