الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1140 (ووضع علي رضي الله عنه كفه على رصغه الأيسر إلا أن يحك جلدا أو يصلح ثوبا).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قال ابن التين ، كذا وقع في البخاري بالصاد - يعني لفظ رصغه - وقال خليل : هو لغة في الرسغ، وقال غيره: صوابه بالسين، وهو حد مفصل الكف في الذراع والقدم من الساق، وفي المحكم: الرسغ مجتمع الساقين والقدمين، وقيل: هو مفصل ما بين الساعد والكف، والساق والقدم، وكذلك هو من كل دابة، والجمع أرساغ.

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلا أن يحك) إلى آخره من كلام علي رضي الله تعالى عنه لا من كلام البخاري من الترجمة للبعد بينهما، وقال الإسماعيلي في مستخرجه: هو من الترجمة، وليس كذلك; لأن ابن أبي شيبة أخرجه في مصنفه عنه بهذا اللفظ، إلا أن يصلح ثوبه أو يحك جسده، وقال بعضهم: وصرح بكونه من كلام البخاري لا من كلام علي رضي الله تعالى عنه العلامة علاء الدين مغلطاي في شرحه، وتبعه من أخذ ذلك عنه ممن أدركناه وهو وهم. (قلت): هذا القائل هو الذي وهم، فإن مغلطاي ما قال ذلك من عنده وإنما نقله عن الإسماعيلي ، فانظر في شرحه تراه قال قاله الإسماعيلي ، وقال ابن بطال : اختلف السلف في الاعتماد في الصلاة، والتوكؤ على الشيء ، فقالت طائفة: لا بأس أن يستعين في الصلاة بما شاء من جسده وغيره، وذكره ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أنه كان يتوكأ على عصى، وعن أبي ذر مثله.

                                                                                                                                                                                  وقال عطاء : كان أصحاب محمد يتوكؤون على العصي في الصلاة، وأوتد عمرو بن ميمون وتدا إلى الحائط، فكان إذا سئم القيام في الصلاة أو شق عليه أمسك بالوتد يعتمد عليه، وقال الشعبي : لا بأس أن يعتمد على الحائط، وكره ذلك غيرهم، وعن الحسن أنه كره أن يعتمد على الحائط في المكتوبة إلا من علة، ولم ير به بأسا في النافلة.

                                                                                                                                                                                  وقال مالك : وكرهه ابن سيرين في الفريضة والتطوع، وقال مجاهد : إذا توكأ على الحائط ينقص من صلاته قدر ذلك. قال: والعمل في الصلاة على ثلاثة أضرب يسير جدا كالغمز وحك الجسد والإشارة، فهذا لا ينقص عمده ولا سهوه، وكذلك التخطي إلى الفرجة القريبة.

                                                                                                                                                                                  الثاني: أكثر من هذا يبطل عمده دون سهوه كالانصراف من الصلاة.

                                                                                                                                                                                  الثالث: المشي الكثير، والخروج من المسجد، فهذا يبطل الصلاة عمده وسهوه، وفي مسند أحمد عن ابن عمر : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده . وعند أبي داود رأى رجل يتكئ على يده اليسرى وهو قاعد في الصلاة، فقال: لا تجلس هكذا فإن هكذا يجلس الذين يعذبون ، وفي رواية: تلك صلاة المغضوب عليهم ، وقال أبو داود : حدثنا عبد السلام بن عبد الرحمن الوابصي حدثنا أبي، عن شيبان ، عن حصين ، عن هلال بن يساف قال: قدمت الرقة فقال لي بعض أصحابي: هل لك من رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قلت: عتيمة فدفعنا إلى وابصة فقلت لصاحبي: نبدأ فننظر إلى دله، فإذا عليه قلنسوة لاطية ذات أذنين، وبرنس خز أغبر، وإذا هو معتمد على عصى في صلاته فقلنا بعد أن سلمنا، فقال: حدثتني أم قيس بنت محصن، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسن وحمل اللحم اتخذ عمودا في مصلاه يعتمد عليه . (قلت): وابصة بن معبد بن عتبة بن الحارث .

                                                                                                                                                                                  قوله: (إلى دله) بفتح الدال المهملة وتشديد اللام وهو السمت والهيئة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر، وبهذا الحديث قال أصحابنا: إن الضعيف أو الشيخ الكبير إذا كان قادرا على القيام متكئا على شيء يصلي قائما متكئا ولا يقعد، وفي الخلاصة: ولا يجوز غير ذلك، وكذا لو قدر على أن يعتمد على عصى، أو كان له خادم، لو اتكأ عليه قدر على القيام، فإنه يقوم ويتكئ، ولو صلى معتمدا على العصى من غير علة هل تكره أم لا، فقيل: تكره مطلقا، وقيل: لا تكره في التطوع.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية