الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1042 127 - حدثنا علي بن عبد الله قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عامر عن أبيه قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي على راحلته حيث توجهت به.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن الدابة تشمل الراحلة.

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) وهم ستة.

                                                                                                                                                                                  الأول: علي بن عبد الله المعروف بابن المديني ، وقد مر غير مرة.

                                                                                                                                                                                  الثاني: عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو محمد الشامي ، مر في "باب المسلم من سلم المسلمون".

                                                                                                                                                                                  الثالث: معمر بفتح الميمين ابن راشد ، وقد مر.

                                                                                                                                                                                  الرابع: محمد بن مسلم الزهري .

                                                                                                                                                                                  الخامس: عبد الله بن عامر ، رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير، مات سنة خمس وثلاثين.

                                                                                                                                                                                  السادس: أبوه عامر بن ربيعة العنزي بفتح العين المهملة والنون وبالزاي حليف آل عمر بن الخطاب ، كان من المهاجرين الأولين وشهد بدرا ، مات بعيد مقتل عثمان رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ):

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول في موضعين، وفيه الرؤية، وفيه أن شيخه مديني وعبد الأعلى بصري والزهري مدني، وفيه رواية التابعي عن الصحابي ورواية الصحابي عن الصحابي، قال الذهبي : لعبد الله ولأبيه صحبة، واستشهد عبد الله يوم الطائف ، وفيه رواية الابن عن الأب، وليس لعامر بن ربيعة [ ص: 138 ] في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في "الجنائز" وآخر علقه في "الصيام"، وأخرجه البخاري أيضا في "تقصير الصلاة" عن يحيى بن بكير عن ليث عن عقيل عن الزهري ، وأخرجه مسلم في "الصلاة" عن عمرو بن سواد وحرملة بن يحيى ، كلاهما عن ابن وهب عن يونس عن الزهري .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه وما يستنبط منه ):

                                                                                                                                                                                  قوله: " على راحلته " وهي الناقة التي تصلح لأن ترحل وكذلك الرحول، ويقال: الراحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى، قاله الجوهري ، وقال ابن الأثير : الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال، والذكر والأنثى فيه سواء، والهاء فيه للمبالغة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حيث توجهت به " أي: توجهت الدابة يعني إلى قبل القبلة أو غيرها، وقال الترمذي : والعمل عليه عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا، لا يرون بأسا أن يصلي الرجل على راحلته تطوعا حيث ما كان وجهه إلى القبلة أو غيرها ( قلت ): هذا بالإجماع في السفر، واختلفوا في الحضر فجوزه أبو يوسف وأبو سعيد الإصطخري من الشافعية ، وأهل الظاهر ، وعن بعض الشافعية يجوز التنفل على الدابة في الحضر لكن مع استقبال القبلة في جميع الصلاة، وفي وجه آخر يجوز للراكب دون الماشي، واستدل أبو يوسف ومن ذكرنا معه من جواز التنفل على الدابة في الحضر بعموم حديث الباب لأنه لم يصرح فيه بذكر السفر، ومنع أبو حنيفة ومحمد من ذلك في الحضر، واحتجا على ذلك بحديث ابن عمر الآتي في "باب الإيماء على الدابة" عقيب هذا الباب ; لأن السفر فيه مذكور، وفي إحدى روايات مسلم " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة على راحلته حيث كان وجهه .

                                                                                                                                                                                  ( ومما يستنبط منه ) أنه يجوز ذلك للراكب دون الماشي ; لأن ذلك رخصة، والرخص لا يقاس عليها، وجزم أصحاب الشافعي ترخيص الماشي في السفر بالتنفل إلى جهة مقصده، إلا أن مذهبهم اشتراط استقبال القبلة في تحرمه وعند الركوع والسجود ويشترط كونهما على الأرض ولا يشترط استقباله في السلام على الأصح.

                                                                                                                                                                                  ومما يستنبط من قوله: " على الراحلة " أن راكب السفينة ليس كراكب الدابة لتمكنه من الاستقبال، وسواء كانت السفينة واقفة أو سائرة، وقال الرافعي : وقيل: يجوز للملاح، وحكاه عن صاحب العدة، وزاد النووي في زيادات الروضة وفي شرح المهذب حكايته عن الماوردي وغيره، وفي التحقيق للنووي الجواز للملاح في حال تسييرها، وقال شيخنا زين الدين رحمه الله: المعتبر توجه الراكب إلى جهة مقصده لا توجه الدابة حتى لو كانت الدابة متوجهة إلى جهة مقصده وركبها هو معترضا أو مقلوبا فإنه لا يصح إلا أن يكون ما استقبله هو جهة القبلة فيصح على الصحيح، وقيل: لا يصح ; لأن قبلته جهة مقصده.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية