الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1177 258 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه أن بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلح بينهم في أناس معه، فحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقال: يا أبا بكر، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حبس، وقد [ ص: 318 ] حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس ؟ قال: نعم، إن شئت فأقام بلال، وتقدم أبو بكر رضي الله عنه، فكبر للناس، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف، فأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر رضي الله عنه لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن يصلي، فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه، فحمد الله، ورجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال: يا أيها الناس، ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة أخذتم في التصفيق، إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته فليقل: سبحان الله، فإنه لا يسمعه أحد حين يقول سبحان الله إلا التفت يا أبا بكر، ما منعك أن تصلي للناس حين أشرت إليك، فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: (فأخذ الناس في التصفيق); لأن التصفيق يكون باليد، وحركتها به كحركتها بالإشارة، ويمكن أن تؤخذ من قوله: (التفت)، أي: أبو بكر ; لأن الالتفات في معنى الإشارة. (فإن قلت): قد أنكر صلى الله تعالى عليه وسلم عليهم في التصفيق، فكيف تؤخذ منه إباحة الإشارة ؟ (قلت): لا يضر ذلك لإباحة الإشارة، ألا ترى أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يأمرهم بإعادة الصلاة بسبب ذلك. (فإن قلت): لم لا يؤخذ، وجه الترجمة من قوله: (حين أشرت إليك) قلت: لا يطابق هذا; لأن هذه الإشارة وقعت منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يحرم بالصلاة، والكلام في الإشارة الواقعة في الصلاة، ثم إن هذا الحديث قد مضى في باب من دخل ليؤم الناس، أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف ، عن مالك ، عن أبي حازم بن دينار ، عن سهل بن سعد ، وفي باب رفع الأيدي في الصلاة لأمر نزل به، وقد تكلمنا فيه بما فيه الكفاية، وقال الخطابي : فيه أن الصحابة بادروا إلى إقامة الصلاة في أول وقتها ، ولم ينكر صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عدم انتظارهم.

                                                                                                                                                                                  (قلت): لا يفهم من لفظ الحديث مبادرتهم، وإنما كانت المبادرة من بلال لا لأجل أن الأفضل أداؤها في أول الأوقات، وإنما بادر; لأن الجماعة قد حضروا، وربما كانوا يتضررون بالتأخير، والانتظار إلى مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لهم من الأمور الشاغلة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية