الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1033 118 - حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة أنبأنا أبو إسحاق قال: سمعت حارثة بن وهب قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم، آمن ما كان، بمنى ركعتين.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه المطابقة بين الترجمة، وهذا هو الذي ذكرناه في أول الباب.

                                                                                                                                                                                  ذكر رجاله، وهم أربعة:

                                                                                                                                                                                  الأول: أبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وقد تكرر ذكره.

                                                                                                                                                                                  الثاني: شعبة بن الحجاج .

                                                                                                                                                                                  الثالث: أبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي .

                                                                                                                                                                                  الرابع: حارثة بالحاء المهملة، ابن وهب الخزاعي أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه، وأمهما بنت عثمان بن مظعون سمع النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده:

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه الإنباء في موضع واحد، وهو بمعنى الإخبار والتحديث. وفيه السماع. وفيه القول في أربعة مواضع. وفيه أن شيخه مذكور بكنيته، وهو بصري، وشعبة واسطي، وأبو إسحاق كوفي، وهو أيضا مذكور بكنيته. وفيه لفظ الإنباء، ولم يذكر فيما قبل هذا اللفظ. وفيه أن حارثة بن وهب مذكور في موضعين ليس إلا.

                                                                                                                                                                                  ذكر تعدد موضعه، ومن أخرجه غيره:

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري أيضا في الحج، عن آدم ، عن شعبة .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه مسلم في الصلاة، عن يحيى بن يحيى ، وقتيبة ، وعن أحمد بن يونس .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه أبو داود في الحج، عن عبد الله بن محمد النفيلي .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه الترمذي فيه، عن قتيبة به.

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي فيه، عن قتيبة به، وعن عمرو بن علي .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه:

                                                                                                                                                                                  قوله " سمعت حارثة بن وهب " وفي رواية البرقاني في " مستخرجه " رجلا من خزاعة أخرجه [ ص: 121 ] من طريق أبي الوليد شيخ البخاري فيه.

                                                                                                                                                                                  قوله " آمن " أفعل التفضيل من الأمن.

                                                                                                                                                                                  قوله " ما كان " في رواية الكشميهني ، والحموي : ما كانت، وكلمة "ما" مصدرية، ومعناه الجمع ; لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعا، والمعنى: صلى بنا، والحال أن أكثر أكواننا في سائر الأوقات أمن، ولفظ مسلم ، عن حارثة بن وهب قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى آمن ما كان الناس، وأكثره ركعتين . وفي رواية له: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ، والناس أكثر ما كانوا، فصلى ركعتين .

                                                                                                                                                                                  قوله " بمنى " الباء فيه ظرفية تتعلق بقوله: صلى.

                                                                                                                                                                                  قوله " ركعتين " مفعول صلى.

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستنبط منه:

                                                                                                                                                                                  مذهب الجمهور أنه يجوز القصر من غير خوف لدلالة حديث حارثة على ذلك ; لأن معناه أنه صلى الله عليه وسلم قصر من غير خوف. وفيه رد على من زعم أن القصر مختص بالخوف أو الحرب. ذكر أبو جعفر في " تفسيره " بإسناده، عن عائشة تقول: في السفر أتموا صلاتكم، فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في السفر ركعتين، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في حرب، وكان يخاف، فهل تخافون أنتم . وفي لفظ: كانت تصلي في السفر أربعا ، واحتج هؤلاء الزاعمون أيضا بقوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وأجيب بأن الشرط في الآية خرج مخرج الغالب، وقيل: هو من الأشياء التي شرع الحكم فيها بسبب، ثم زال السبب، وبقي الحكم كالرمل في الطواف، وقد أوضح هذا ما في " صحيح مسلم "، عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا فقد أمن الناس، فقال عمر : عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته .

                                                                                                                                                                                  وفي " تاريخ أصبهان " لأبي نعيم حدثنا سليمان حدثنا محمد بن سهل الرباطي حدثنا سهل بن عثمان ، عن شريك ، عن قيس بن وهب ، عن أبي الكنود ، سألت ابن عمر عن صلاة السفر، فقال: ركعتان نزلت من السماء، فإن شئتم فردوها .

                                                                                                                                                                                  وأما الحديث الذي رواه أبو جعفر ، فإن حديث حارثة بن وهب يرده، وقال الطيبي : فيه - أي في حديث الباب - تعظيم شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أطلق ما قيده الله تعالى، ووسع على عباده تعالى، ونسب فعله إلى الله عز وجل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية