الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1138 218 - حدثنا مسدد، عن يحيى، عن عبيد الله ، قال: حدثني خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على حوضي.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله)، وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: مسدد .

                                                                                                                                                                                  الثاني: يحيى بن سعيد القطان .

                                                                                                                                                                                  الثالث: عبيد الله بن عمر العمري .

                                                                                                                                                                                  الرابع: خبيب ، بضم الخاء المعجمة، وفتح الباء الموحدة، وسكون الياء آخر الحروف بعدها باء أخرى مر في باب الصلاة بعد الفجر.

                                                                                                                                                                                  الخامس: حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه.

                                                                                                                                                                                  السادس: أبو هريرة .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، وبصيغة الإفراد في موضع واحد، وفيه العنعنة في أربعة مواضع، وفيه القول في موضع واحد، وفيه عبيد الله ، وفي رواية أبي ذر والأصيلي : عبيد الله هو ابن عمر العمري ، وفيه أن شيخه بصري، وهو من أفراده، ويحيى أيضا بصري، والبقية مدنيون ، وفيه اثنان مذكوران من غير نسبة، واثنان مصغران.

                                                                                                                                                                                  (ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره) أخرجه البخاري أيضا في آخر الحج عن مسدد ، وفي الحوض عن إبراهيم بن المنذر ، وفي الاعتصام عن عمرو بن علي . وأخرجه مسلم في الحج، عن زهير بن حرب ، ومحمد بن المثنى ، كلاهما عن يحيى القطان به، وعن محمد بن عبد الله بن نمير . وروى هذا الحديث مالك ، عن خبيب ، عن حفص ، عن أبي هريرة ، أو أبي سعيد . قال أبو عمر رحمه الله: كذا رواه عن مالك رواة الموطإ، كلهم فيما علمت على الشك إلا معن بن عيسى ، وروح بن عبادة ; فإنهما قالا: عن أبي هريرة ، وأبي سعيد جميعا على الجمع لا على الشك، ورواه ابن مهدي عن مالك ، فجعله عن أبي هريرة وحده، لم يذكر أبا سعيد قال: والحديث محفوظ لأبي هريرة بهذا الإسناد، ورواه عبيد الله بن عمر ، عن خبيب بهذا. قال أبو العباس أحمد بن عمر الداني في كتابه أطراف الموطإ: تابع العمري في ذلك جماعة، وهكذا قاله البخاري . قال أبو عمر ذكر محمد بن سنجر ، حدثنا محمد بن سليمان القرشي البصري ، عن مالك ، عن ربيعة ، عن سعيد بن المسيب ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: أخبرني أبي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وضعت منبري على نزعة من نزع الجنة، وما بين بيتي، ومنبري روضة من رياض الجنة . قال أبو محمد : لم يتابع محمد بن سليمان أحد على هذا الإسناد عن مالك ، ومحمد هذا ضعيف. وزاد الدارقطني في الغرائب: وقوائم منبري رواتب في الجنة ، وقال: تفرد به محمد بن سليمان . قال أبو عمرو في هذا الباب حديث منكر رواه عبد الملك بن زيد الطائي ، عن عطاء بن زيد مولى سعيد بن المسيب ، عن سعيد بن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين قبري، ومنبري، وأسطوانة التربة روضة من رياض الجنة . قال أبو عمر هذا حديث موضوع، وضعه عبد الملك . وروى أحمد بن يحيى الكوفي ، أخبرنا مالك بن أنس ، عن نافع ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بين قبري، ومنبري روضة من رياض الجنة . قال أبو عمر : هذا إسناد خطأ، وعند [ ص: 263 ] النسائي عن سهيل بن سعد مرفوعا: منبري على نزعة من نزع الجنة . وعند الطبراني ، عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه: ما بين بيتي ومصلاي روضة من رياض الجنة . وعند الضياء المقدسي ، عن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه من رواية ابن أبي سبرة يرفعه: ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، ومنبري على نزعة من نزع الجنة . وفي مسند الهيثم بن كليب الشاشي عن جابر وابن عمر نحوه.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: (ومنبري على حوضي) ليست هذه الجملة في رواية أبي ذر ، والحوض هو الكوثر، والواو فيه زائدة كما في الجوهر، وقال أبو عمر : قد استدل أصحابنا به على أن المدينة أفضل من مكة ، وركبوا عليه قوله صلى الله عليه وسلم: لموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها . وقال أبو عمر : لا دليل فيه; لأنه صلى الله عليه وسلم أراد ذم الدنيا والترغيب في الآخرة، فأخبر أن اليسير من الجنة خير من الدنيا كلها، وقال القرطبي : وللباطنية في هذا الحديث من الغلو والتحريف ما لا ينبغي أن يلتفت إليه، وقال أبو عمر : الإيمان بالحوض عند جماعة العلماء واجب الإقرار به، وقد نفاه أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ; لأنهم لا يصدقون بالشفاعة ولا بالحوض ولا بالدجال ، نعوذ بالله تعالى من بدعهم، وسيأتي إن شاء الله تعالى أحاديث الحوض في موضعها الذي ذكرها البخاري .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية