الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1133 213 - حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن زيد بن رباح، وعبيد الله بن أبي عبد الله الأغر، عن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تظهر من متن الحديث.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم ستة:

                                                                                                                                                                                  الأول: عبد الله بن يوسف، أبو محمد التنيسي ، قد ذكر غير مرة.

                                                                                                                                                                                  الثاني: مالك بن أنس .

                                                                                                                                                                                  الثالث: زيد بن رباح بفتح الراء وتخفيف الباء الموحدة وبالحاء المهملة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائة.

                                                                                                                                                                                  الرابع: عبيد الله بن عبد الله بتصغير الابن.

                                                                                                                                                                                  الخامس: أبو عبد الله ، واسمه سلمان الأغر بفتح الهمزة وفتح الغين المعجمة وتشديد الراء، وكنيته أبو عبد الله ، كان قاصا من أهل المدينة ، وكان رضى.

                                                                                                                                                                                  السادس: أبو هريرة .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 255 ] (ذكر لطائف إسناده): فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع، والإخبار كذلك في موضع، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول في موضع واحد، وفيه أن شيخه من أفراده، وأصله من دمشق والبقية مدنيون ، وفيه رواية مالك عن شيخين روى عنهما جميعا مقرونين، وهما زيد وعبيد الله ، وفيه رواية الابن عن الأب، وهو عبيد الله يروي عن أبيه أبي عبد الله سلمان ، وأن عبيد الله الذي يروي عنه مالك من أفراده، وقد روى هذا الحديث عن أبي هريرة غير الأغر ، رواه عنه سعيد وأبو صالح ، وعبد الله بن إبراهيم بن قارظ ، وأبو سلمة ، وعطاء ، وقال أبو عمر : لم يختلف على مالك في إسناد هذا الحديث في الموطإ، ورواه محمد بن سلمة المخزومي ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن أنس ، وهو غلط فاحش، وإسناده مقلوب، ولا يصح فيه عن مالك إلا حديث في الموطإ يعني المذكور آنفا قال: وقد روي عن أبي هريرة من طرق متواتر كلها صحاح ثابتة.

                                                                                                                                                                                  (ذكر من أخرجه غيره): أخرجه مسلم في "المناسك" عن إسحاق بن منصور ، وأخرجه الترمذي في "الصلاة" عن إسحاق الأنصاري ، عن معن ، عن مالك ، وعن قتيبة ، عن مالك ، وأخرجه النسائي في "الحج" عن عمرو بن علي ، عن غندر ، وأخرجه ابن ماجه في "الصلاة" عن أبي مصعب الزهري ، عن مالك ، ولما أخرجه الترمذي قال وفي الباب عن علي وميمونة ، وأبي سعيد ، وجبير بن مطعم ، وعبد الله بن الزبير ، وابن عمر ، وأبي ذر .

                                                                                                                                                                                  وحديث علي رضي الله تعالى عنه رواه البزار في مسنده من رواية سلمة بن وردان ، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وأبي هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة، وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وسلمة بن وردان ضعيف، ولم يسمع من علي . وحديث ميمونة رواه مسلم والنسائي من رواية ابن عباس " عن ميمونة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة " ، وفي أول الحديث قصة. وحديث أبي سعيد رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من رواية سهم بن منجاب ، عن قزعة " عن أبي سعيد قال: ودع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم رجلا فقال له: أين تريد ؟ قال: أريد بيت المقدس فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة صلاة في غيره إلا المسجد الحرام " وإسناده صحيح.

                                                                                                                                                                                  وحديث جبير بن مطعم رواه أحمد والبزار وأبو يعلى في مسانيدهم، والطبراني في "الكبير" من رواية محمد بن طلحة بن ركانة ، عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا " فذكره، ومحمد بن طلحة لم يسمع من جبير ، وحديث عبد الله بن الزبير رواه أحمد والبزار والطبراني وابن حبان في صحيحه من رواية عطاء بن أبي رباح ، عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا " .

                                                                                                                                                                                  وحديث ابن عمر أخرجه مسلم وابن ماجه من رواية عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: " صلاة في مسجدي هذا. .. " الحديث. وحديث أبي ذر رواه الطبراني في "الأوسط" من رواية قتادة ، عن أبي الخليل ، عن عبد الله بن الصامت ، " عن أبي ذر قال: تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أيهما أفضل مسجد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أو بيت المقدس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي أفضل من أربع صلوات فيه ولنعم المصلى " .

                                                                                                                                                                                  (قلت): وفي الباب عن الأرقم بن أبي الأرقم ، روى حديثه أحمد والطبراني من رواية عثمان بن عبد الله بن الأرقم عن جده الأرقم ، زاد الطبراني " وكان بدريا أنه جاء إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فسلم عليه فقال: أين تريد ؟ فقال: أردت يا رسول الله هاهنا، وأومأ بيده إلى حيز بيت المقدس قال: ما يخرجك إليه أتجارة ؟ فقال: قلت: لا ولكن أردت الصلاة فيه، قال: فالصلاة هاهنا، وأومأ بيده إلى مكة ، خير من ألف صلاة، وأومأ بيده إلى الشام " . لفظ أحمد ، وقال الطبراني : " صلاة هاهنا خير من ألف صلاة ثمة " ورجال إسناده عنده ثقات، وفي إسناده أحمد بن يحيى بن عمران جهله أبو حاتم ، وفيه عن أنس روى حديثه البزار والطبراني في "الأوسط" من رواية أبي بحر البكراوي ، عن عبيد الله بن أبي زياد القداح ، عن حفص بن عبد الله بن أنس ، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وأبو بحر وثقه أحمد وأبو داود ، وتكلم فيه غيرهما، ولأنس حديث آخر مخالف لما تقدم في الثواب في الصلاة فيه، رواه ابن ماجه من [ ص: 256 ] رواية زريق الألهاني ، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ". وفيه أبو الخطاب الدمشقي يحتاج إلى الكشف.

                                                                                                                                                                                  وفيه عن جابر ، روى حديثه ابن ماجه من رواية عبد الكريم الجزري ، عن عطاء ، عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة في مسجدي أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه " وإسناده جيد.

                                                                                                                                                                                  وفيه عن سعد بن أبي وقاص ، روى حديثه أحمد والبزار ، وأبو يعلى في مسانيدهم من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي عبد الله القراظ ، عن سعد بن أبي وقاص ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                  وفيه عن أبي الدرداء أخرج حديثه الطبراني من رواية أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة " وإسناده حسن.

                                                                                                                                                                                  وفيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها روى حديثها الترمذي في العلل الكبير قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه " فافهم.

                                                                                                                                                                                  (ذكر معناه):

                                                                                                                                                                                  قوله: " في مسجدي هذا " بالإشارة يدل على أن تضعيف الصلاة في مسجد المدينة يختص بمسجده عليه الصلاة والسلام الذي كان في زمانه مسجدا دون ما أحدث فيه بعده من الزيادة في زمن الخلفاء الراشدين وبعدهم تغليبا لاسم الإشارة، وبه صرح النووي فخص التضعيف بذلك بخلاف المسجد الحرام ، فإنه لا يختص بما كان لظاهر المسجد دون باقيه; لأن الكل يعمه اسم المسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                  (قلت): إذا اجتمع الاسم والإشارة هل تغلب الإشارة أو الاسم، فيه خلاف، فمال النووي إلى تغليب الإشارة، فعلى هذا قال: إذا قال المأموم: نويت الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو يصح اقتداؤه تغليبا للإشارة، وجزم ابن الرفعة بعدم الصحة، وقال: لأن ما لا يجب تعيينه إذا عينه وأخطأ في التعيين أفسد العبادة، وأما مذهبنا في هذا فالذي يظهر من قولهم: إذا اقتدى بفلان بعينه، ثم ظهر أنه غيره لا يجزيه; إذ الاسم يغلب الإشارة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إلا المسجد الحرام " قال الكرماني : الاستثناء يحتمل أمورا ثلاثة: أن يكون مساويا لمسجد الرسول ، وأفضل منه، وأدون منه، بأن يراد أن مسجد المدينة ليس خيرا منه بألف صلاة، بل خير منه بتسعمائة مثلا ونحوه.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن بطال : يجوز في هذا الاستثناء أن يكون المراد، فإنه مساو لمسجد المدينة أو فاضلا أو مفضولا، والأول أرحج; لأنه لو كان فاضلا أو مفضولا لم يعلم مقدار ذلك إلا بدليل بخلاف المساواة، قيل: يجوز أن يكون حديث عبد الله بن الزبير الذي تقدم ذكره دليلا على الثاني.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عبد البر : اختلفوا في تأويله ومعناه، فقال أبو بكر عبد الله بن نافع صاحب مالك : معناه أن الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة في الكعبة بألف درجة، وأفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة، وقال بذلك جماعة من المالكيين ، ورواه بعضهم عن مالك ، وقال عامة أهل الفقه والأثر: إن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة فيه لظاهر الأحاديث المذكورة فيه على أن أميري المؤمنين عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن الزبير - رضي الله عنهم - قالا على المنبر ما رواه أبو عمر : حدثنا أحمد بن قاسم : حدثنا ابن أبي دلهم ، حدثنا ابن وضاح ، حدثنا حامد بن يحيى ، حدثنا سفيان ، حدثنا زياد بن سعد أبو عبد الرحمن الخراساني - وكان ثبتا في الحديث - إملاء، أخبرني سليمان بن عتيق ، سمعت ابن الزبير على المنبر يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول: " صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه من المساجد " ولم يرد أحد قولهما، وهم القوم لا يسكتون على ما لا يعرفون، وعند بعضهم يكون هذا كالإجماع، وعلى قولابن نافع : يلزم أن يقال: إن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسعمائة ضعف وتسعة وتسعين ضعفا، وإذا كان كذلك لم يكن للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف، ولا دليل لقول ابن نافع ، وكل قول لا تعضده حجة فهو ساقط.

                                                                                                                                                                                  وقال القرطبي : اختلف في استثناء المسجد الحرام : هل ذلك أنه أفضل من مسجده، أو هو لأن المسجد الحرام أفضل من غير مسجده صلى الله عليه وسلم فإنه أفضل المساجد كلها ؟ وهذا الخلاف في أي البلدين أفضل ؟ فذهب عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين إلى تفضيل [ ص: 257 ] المدينة ، وحملوا الاستثناء في مسجد المدينة بألف صلاة على المساجد كلها إلا المسجد الحرام ، فبأقل من الألف، واحتجوا بما قال عمر رضي الله تعالى عنه، ولا يقول عمر هذا من تلقاء نفسه، فعلى هذا تكون فضيلة مسجد المدينة على المسجد الحرام بتسعمائة، وعلى غيره بألف، وذهب الكوفيون والمكيون وابن وهب وابن حبيب إلى تفضيل مكة ، ولا شك أن المسجد الحرام مستثنى من قوله: (من المساجد)، وهي بالاتفاق مفضولة، والمستثنى من المفضول مفضول، إذا سكت عليه فالمسجد الحرام مفضول، لكنه يقال: مفضول بألف; لأنه قد استثناه منها، فلا بد أن يكون له مزية على غيره من المساجد، ولم يعينها الشارع فيتوقف فيها أو يعتمد على قول عمر رضي الله تعالى عنه، ويدل على صحة ما قلناه قوله صلى الله عليه وسلم: فإني آخر الأنبياء، ومسجدي آخر المساجد. فربط الكلام بفاء التعليل مشعر بأن مسجده إنما فضل على المساجد كلها; لأنه متأخر عنها ومنسوب إلى نبي متأخر عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الزمان، وقال عياض : أجمعوا على أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض.

                                                                                                                                                                                  واختلفوا: في أفضلهما ما عدا موضع القبر، فمن ذهب إلى تفضيل مكة احتج بحديث عبد الله بن عدي بن الحمراء سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف على راحلته بمكة : والله إنك لخير الأرض وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت . صححه ابن حبان والحاكم والترمذي والطوسي في آخرين، وعند أحمد عن أبي هريرة بسند جيد قال: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحزورة ، فقال: علمت أنك خير أرض، وأحب أرض الله إلى الله عز وجل . وعن ابن عباس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة : ما أطيبك من بلد وأحبك إلي . الحديث. قال الترمذي : حديث صحيح غريب، وعند أبي داود : حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا عنبسة ، حدثني يونس وابن سمعان ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بالمدينة ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه: اللهم أنت بيني وبين فلان وفلان لرجال سماهم فإنهم أخرجوني من مكة وهي أحب أرض الله إلي . قال أبو عمر : وقد روي عن مالك ما يدل على أن مكة أفضل الأرض كلها، لكن المشهور، عن أصحابه في مذهبه تفضيل المدينة .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا: هل يراد بالصلاة هنا الفرض أو هو عام في النفل والفرض، وإلى الأول ذهب الطحاوي ، وإلى الثاني ذهب مطرف المالكي . وقال النووي : مذهبنا يعم الفرض والنفل جميعا، ثم إن فضل هذه الصلاة في هذه المساجد يرجع إلى الثواب ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت، حتى لو كان عليه صلاتان فصلى في مسجد المدينة صلاة لم تجزه عنهما، وهذا لا خلاف فيه. (فإن قلت): سبب التفضيل هل ينحصر في كثرة الثواب على العمل أم لا ؟ (قلت): قيل: لا ينحصر كتفضيل جلد المصحف على سائر الجلود. (فإن قلت): ما سبب تفضيل البقعة التي ضمت أعضاءه الشريفة ؟ (قلت): قيل: إن المرء يدفن في البقعة التي أخذ منها ترابه عندما يخلق، رواه ابن عبد البر من طريق عطاء الخراساني موقوفا في كتابه التمهيد ؟

                                                                                                                                                                                  (قلت): روى الزبير بن بكار أن جبريل عليه الصلاة والسلام أخذ التراب الذي خلق منه النبي صلى الله عليه وسلم من تراب الكعبة ، فعلى هذا فتلك البقعة من تراب الكعبة ، فيرجع الفضل المذكور إلى مكة إن صح ذلك. (فإن قلت): هل يختص تضعيف الصلاة بنفس المسجد الحرام ، أو يعم جميع مكة من المنازل والشعاب وغير ذلك، أم يعم جميع الحرم الذي يحرم صيده ؟ (قلت): فيه خلاف والصحيح عند الشافعية أنه يعم جميع مكة ، وصحح النووي أنه جميع الحرم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية