الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1172 253 - حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم، عن محمد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي. قال محمد: وأكثر ظني العصر ركعتين، ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فهابا أن يكلماه، وخرج سرعان الناس فقالوا: أقصرت الصلاة، ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين، فقال: أنسيت أم قصرت ؟ فقال: لم أنس ، ولم تقصر. قال: بلى قد نسيت، فصلى ركعتين ثم سلم، ثم كبر فسجد مثل سجوده، أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه فكبر فسجد مثل سجوده، أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ويزيد من الزيادة هو ابن إبراهيم التستري ، ومحمد هو ابن سيرين ، والإسناد كله بصريون ، وقد مضى الحديث في باب تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، فإنه أخرجه هناك عن إسحاق ، عن ابن شميل ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة ، إلى آخره. وهناك بعض زيادة تعلم عند الرجوع إليه، وتكلمنا هناك أيضا على ما يحتاج إليه من الأشياء المتعلقة به.

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال محمد ) : هو ابن سيرين .

                                                                                                                                                                                  قوله: (في مقدم المسجد) ، بتشديد الدال المفتوحة، أي: في جهة القبلة، وفي رواية ابن عون : فقام إلى خشبة معروضة في المسجد، أي: موضوعة بالعرض، وفي رواية مسلم من طريق ابن عيينة ، عن أيوب : ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (فهابا أن يكلماه) وفي رواية ابن عون فهاباه، بزيادة الضمير، والمعنى أنهما غلب عليهما احترام النبي صلى الله عليه وسلم، وتعظيمه عن الاعتراض عليه.

                                                                                                                                                                                  قوله: (سرعان الناس) ، بالمهملات المفتوحة، أي: أخفاؤهم، والمستعجلون منهم، وأوائلهم، ويلزم الإعراب نونه في كل وجه، وهذا الوجه هو الصواب الذي قاله الجمهور من أهل الحديث واللغة، وهكذا ضبطه المتقنون. وقال ابن الأثير : السرعان بفتح السين، والراء، أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء، ويقبلون عليه بسرعة، ويجوز تسكين الراء ؟ (قلت): وكذا نقل القاضي عن بعضهم، قال: وضبطه الأصيلي في البخاري ، بضم السين وإسكان الراء، ووجهه أنه جمع سريع كقفيز وقفزان، وكثيب وكثبان، ومن قال: سرعان بكسر السين فهو خطأ، وقيل: يقال أيضا بكسر السين، وسكون الراء، وهو جمع سريع كرعيل ورعلان، وأما قولهم: سرعان ما فعلت ففيه ثلاث لغات: الضم، والكسر، والفتح مع إسكان الراء، والنون مفتوحة أبدا.

                                                                                                                                                                                  قوله: (أقصرت الصلاة) ، بهمزة الاستفهام، وفي رواية ابن عون بحذفها، وقصرت على صيغة المجهول، ويروى على بناء الفاعل. قال النووي : هذا أكثر.

                                                                                                                                                                                  قوله: (ورجل يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم) ، أي: يسميه ذا اليدين . (فإن قلت): ما الرافع للرجل ؟ (قلت): هو مبتدأ تخصص بالصفة، وهو قوله: (يدعوه النبي صلى الله عليه وسلم)، وخبره محذوف تقديره: وهناك رجل. وفي رواية ابن عون : وفي القوم رجل في يده طول يقال له: ذو اليدين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية