الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2111 - (إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها) (م) (ت) عن أبي هريرة (صح)

التالي السابق


(إن المرأة خلقت) بالبناء للمفعول أي خلقها الله (من ضلع) بكسر ففتح واحد الأضلاع استعير للعوج صورة أو معنى (لن تستقيم لك) أيها الرجل (على طريقة) واحدة (فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج) ليس منه بد (وإن ذهبت تقيمها) أي قصدت أن تسوي اعوجاجها وأخذت في الشروع في ذلك (كسرتها) قال في المصباح ذهب مذهب فلان قصد قصده وطريقته وذهب في الدين مذهبا رأى فيه رأيا قال الزمخشري: ومن المجاز ذهب فلان مذهبا حسنا وفلان يذهب إلى قول الحنفية أي يأخذ به ثم فسر كسرها بقوله (وكسرها) هو (طلاقها) إشعارا باستحالة تقويمها أي إن كان لا بد من الكسر فكسرها طلاقها وهذا حث على الرفق بالنساء والصبر على عوجهن وتحمل ضعف عقولهن وأنه لا مطمع في استقامتهن وفيه رمز إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه على عوجه وإلى ذلك يشير قوله سبحانه وتعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا فلا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو بترك الواجب بل المراد تركها على عوجها في الأمور المباحة فقط وفيه ندب المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وسياسة النساء بأخذ العفو عنهن والصبر عليهن وأن من رام تقويمهن فاته النفع بهن مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها .

(تنبيه): قال ابن عربي: لما خلق الله جسم آدم ولم يكن فيه شهوة نكاح وقد سبق في علم الحق إيجاد التناسل في هذه الدار لبقاء النوع استخرج من ضلعه القصير حواء فقصرت بذلك عن درجة الرجل وللرجال عليهن درجة فلا تلحق بهم أبدا وكانت من الضلع للانحناء الذي في الضلوع لتحنو على ولدها وزوجها فحنو الرجل عليها حنوه على نفسه لأنها جزؤه وحنوها عليه لكونها خلقت من الضلع والضلع فيه انحناء وانعطاف وعمر الله المحل من آدم الذي خرجت منه الشهوة إليها لئلا يبقى في الوجود خلاه فلما عمره بالهوى فلذلك حن إليها حنينه على نفسه لأنها جزء منه فحنت إليه لكونه موطنها الذي نشأت فيه فحبها حب وطنها وحبه حب نفسه فلذلك ظهر حب الرجل لها لكونها عينه وأعطيت القوة المعبر عنها بالحياء في محبة الرجل فقويت على الإخفاء وصور في ذلك الضلع جميع ما صور في جسم آدم ونفخ فيها من روحه فقامت حية ناطقة محلا للحرث لوجود الإنبات فسكن إليها وسكنت إليه فكانت لباسا له وكان لباسا لها فتبارك الله أحسن الخالقين

(م) في النكاح (ت) كلاهما (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضا.




الخدمات العلمية