الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2234 - (إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة بالأعمال كما تقر بذلك ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم وقرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد) الحكيم عن بريدة (ض)

التالي السابق


(إن أهل الجنة يدخلون على الجبار) سبحانه (كل يوم مرتين) أي في مقدار كل يوم من أيام الدنيا مرتين فإن قلت: ما حكمة تعبيره هنا بالجبار دون غيره من الأسماء والصفات قلت: لأن الجبار إما من الجبر الذي هو تلافي الأمر عند اختلاله وهو تلافي خلل المؤمنين بالعفو عن مسيئهم ورفع درجات مقصريهم في الأعمال وإما من الإجبار الذي هو إنفاذ الحكم فهو أعلى العباد فهو إشارة إلى أنهم يؤذن لهم في العروج إلى حضرة عالية المنار رفيعة المقدار وبذلك علم أن الدخول لا في مكان بل تجوز به على مشاكلة ما للملوك (فيقرأ عليهم القرآن) زاد في رواية فإذا سمعوه منه كأنهم لم يسمعوه قبل ذلك (وقد جلس كل امرئ منهم مجلسه الذي هو مجلسه) أي الذي يستحق أن يكون مجلسا له على قدر درجته (على منابر) جمع منبر (الدر والياقوت والزمرد والذهب والفضة) يحتمل أن المراد أن المنابر منها ما هو لؤلؤ ومنها ما هو ياقوت وهكذا وأن المراد كل منبر مركب من جميع المذكورات ولا مانع أن المراد أن منها ما هو بسيط ومنها ما هو مركب ثم إن جلوسهم عليها يكون (بالأعمال) أي بحسبها فمن يبلغ به عمله أن يكون كرسيه ذهبا جلس على الذهب ومن يقصر عنه يكون على الفضة وهكذا فرفع الدرجات في الجنة بالأعمال ونفس الدخول بالفضل (فلا تقر أعينهم قط) أي تسكن سكون سرور (كما تقر بذلك) أي بجلوسهم ذلك المجلس وسماعهم للقرآن. قال في الصحاح وغيره: قرت عينه تقر بكسر القاف وبفتحها ضد سخنت وأقر الله عينه أعطاه حتى تقر فلا يطمح إلى ما فوقه ويقال حتى تبرد ولا تسخن فللسرور دمعة باردة وللحزن دمعة حارة وفي المصباح: قرت العين قرة بالضم وقرورا بردت سرورا قال الزمخشري: ومن المجاز قرت عينه وأقر الله بها عينه ويقر عيني أن أراك انتهى.

(ولم يسمعوا شيئا أعظم منه) في اللذة والسرور والطرب (ولا أحسن منه) في ذلك (ثم ينصرفون) راجعين (إلى رحالهم) جمع رحل وهو المنزل (وقرة أعينهم) أي سرورهم ولذتهم بما هم فيه من النعيم المقيم (ناعمين) أي منعمين [ ص: 437 ] (إلى مثلها) أي إلى مثل تلك الساعة (من الغد) فيدخلون على الجبار أيضا وهكذا إلى ما لا نهاية له فإن قلت: قوله هنا يدخلون عليه في كل يوم مرتين ويقرأ عليهم إلى آخره قد يعارضه ما في الخبر المار أنهم إنما يدخلون عليه في كل أسبوع مرة يوم الجمعة قلت: قد يمكن الجواب بأن الدخول اليومي للجلوس بالحضرة وسماع القراءة مع وجود الحجاب عن النظر والدخول الأسبوعي للرؤية فلا تعارض أو أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والمقامات قال ابن عطاء الله قال البسطامي إن في الجنة أناسا إذا حجب المولى عنهم طرفة عين استغاثوا كما يستغيث أهل النار من النار

( الحكيم) الترمذي في النوادر (عن بريدة) بن الحصيب الأسلمي.




الخدمات العلمية