الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2125 - (إن الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء رحمة لما يدخل على فقراء المسلمين فيه من الشدة) (طب) عن ابن عباس . (ض)

التالي السابق


(إن الملائكة لتفرح) أي تسر وترضى من الفرح وهو لذة القلب بنيل مراده (بذهاب الشتاء) أي بانقضاء فصل الشتاء (رحمة) منهم (لما يدخل على فقراء المسلمين) وفي رواية رحمة للمساكين وفي رواية لما يدخل على فقراء أمتي (فيه من الشدة) أي من شدة مقاساة البرد لفقدهم ما يتقون به ولما يلحقهم من مشقة التطهر بالماء البارد فيه ولذلك قال الزمخشري عن بعض التابعين وضوء المؤمن في الشتاء يعدل عبادة الرهبان كلها وعن بعضهم البرد عدو الدين وتقول العرب الشتاء ذكر والصيف أنثى لقسوة الشتاء وشدة غلظته ولين الصيف وسهولة شكيمته قال الزمخشري: وعادتهم أن يذكروا الشتاء في كل صعب قاس والصيف وإن تلظى قيظه وحمى صلاؤه وعظم بلاؤه فهو بالإضافة إلى الشتاء هوله هين على الفقراء لما يلقونه فيه من الترح والبؤس ولهذا قيل لبعضهم ما أعددت للبرد قال: [ ص: 394 ] طول الرعدة وفظاظة الشدة وقال الأصمعي رأيت أعرابيا قد حفر قربوصا وقعد فيه في أول الشتاء قلت ما صيرك كذلك قال شدة البرد ثم قال:


يا رب هذا البرد أصبح كالحا. . . وأنت بصير عالم ما نعلم لئن كنت يوما في جهنم مدخلي.
. . ففي مثل هذا اليوم طابت جهنم



وقال بعضهم:


شتاء تقلص الأشداق منه. . . وبرد يجعل الولدان شيبا
وأرض تزلق الأقدام فيها. . . فما يمشي بها إلا الدبيبا



وقال أبو عوانة: الشتاء في أوله أضر منه في آخره قال علي كرم الله وجهه توقوا البرد في أوله وتلقوه في آخره فإنه يفعل بالأبدان كفعله في الأشجار أوله يحرق وآخره يورق وأخرج المقريزي بسنده عن ابن عمر يرفعه خير صيفكم أشده حرا وخير شتائكم أشده بردا وإن الملائكة لتبكي في الشتاء رحمة لبني آدم وأخرج أيضا عن قتادة لم ينزل عذاب قط من السماء على قوم إلا عند انسلاخ الشتاء وعن عمر بن العلاء إني لأبغض الشتاء لنقص الفروض وذهاب الحقوق وزيادة الكلفة على الضعفاء. دخل أعرابي خراسان فلقيه الشتاء فأقام بسمرقند فلما طاب الزمان عاد إلى البصرة فسأله أميرها عن خراسان فقال جنة في الصيف جهنم في الشتاء فقال: صف لي الشتاء بها قال: تهب الرياح وتضجر الأرواح وتدوم الغيوم وتسقط الثلوج ويقل الخروج وتفور الأنهار وتجف الأشجار والشمس مريضة والعين غضيضة والوجوه عابسة والأغصان ناعسة والمياه جامدة والأرض هامدة وأهلها يفرشون اللبود ويلبسون الجلود نيرانهم تنور ومراجلهم تفور لحاهم صفر من الدخان وثيابهم سود من النيران فالمواشي من البرد كالفراش المبثوث والجبال من الثلج كالعهن المنفوش فأما من كثرت نيرانه وخفت ميزانه فأمه هاوية وما أدراك ماهيه نار حامية فقال الأمير: ما تركت عذابا في الآخرة إلا وصفته لنا في الدنيا. وقال كعب الأحبار : أوحى الله تعالى إلى داود عليه الصلاة والسلام أن تأهب للعدو وقد أضلك قال يا رب ومن عدوي وليس يحضرني قال الشتاء. وعن الأصمعي كانت العرب تسمي الشتاء الفاضح فقيل لامرأة منهم أيهما أشد عليكم: القيظ أم القر؟ فقالت يا سبحان الله من جعل البؤس كالأذى فجعلت الشتاء بؤسا والقيظ أذى. ثم إن هذا الحديث لا يعارضه خبر الديلمي عن أنس إن الملائكة لتفرح للمتعبدين في أيام الشتاء نهار قصير للصائم وليل طويل للقائم. اهـ. لأن جهة الفرح والترح مختلفة

(طب) عن ابن عباس ) قال الهيثمي في رجاله معلى بن ميمون متروك وفي الميزان معلى بن ميمون ضعيف الحديث قال النسائي والدارقطني متروك وأبو حاتم ضعيف الحديث وابن عدي أحاديثه مناكير ثم ساق منها هذا الحديث وفيه أيضا في ترجمة سعيد بن دهيم إنه خبر منكر وفي اللسان عن العقيلي غير محفوظ قال ولا يصح في متنه شيء.




الخدمات العلمية