الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1925 - (إن الله تعالى يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لم تفعل لم أسد فقرك) (حم) (ت) (د) (ك) عن أبي هريرة. (ح)

التالي السابق


(إن الله تعالى يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي) أي تفرغ عن مهماتك لطاعتي ولا تشتغل باكتساب ما يزيد على قوتك وقوت ممونك فإنك إن اقتصرت على ما لا بد منه واشتغلت بعبادتي (أملأ صدرك) أي قلبك الذي في صدرك (غنى) وذلك هو الغني على الحقيقة لأن ما هنا فيمن يهتم بما زاد على كفاية نفسه وممونه على وجه الكفاية كما تقرر (وأسد) بسين مهملة (فقرك) يعني تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقض مهماتك ومن قضى الله مهماته استغنى عن خلقه لأن الغني على الإطلاق وهو المعني بقوله أملأ صدرك غنى وبما تقرر من أن المأمور به التفرغ عن اكتساب ما يزيد على الكفاية علم أنه لا تدافع بينه وبين نحو خبر أعظم الناس هما الذي يهتم بأمر دنياه وآخرته (وإن لم تفعل) ذلك (ملأت يديك شغلا) بضم الشين وبضم الغين وتسكن للتخفيف وشغلت به بالبناء للمفعول تلهيت به وخص اليدين لأن مزاولة الاكتساب بهما (لم أسد فقرك) أي وإن لم تتفرغ لذلك واشتغلت بغيري لم أسد فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقرا على فقرك وهو المراد بقوله ملأت يديك إلخ ذكره الطيبي. قال العلائي: أمر الله في هذا الخبر بالتفرغ لعبادته ومن جملة ذلك أن لا يكون في القلب شاغل عن الإقبال على طاعته وقد صرح المصطفى صلى الله عليه وسلم في غير ما خبر بأن الفراغ من النعم التي لا يليق إهمالها. قال ابن عطاء الله : فرغ قلبك من الأغيار يملؤه من المعارف والأسرار ربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوا بصور الآثار فارتحلت من حيث نزلت لا تستنبط منه النوال ولكن استنبط من نفسك وجود الإقبال وقال الخذلان كل الخذلان أن تتفرغ من الشواغل ثم لا تتوجه إليه ويقل عوائقك ثم لا ترحل إليه

(حم) (ت) (د) (ك) عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في كتاب الزهد نقله عن التوراة بهذا اللفظ ثم قال: وروي مرفوعا ولا يصح انتهى وفيه عند الترمذي [ ص: 309 ] أبو خالد الوالبي عن أبيه وأبوه لا يعرف كما في المنار وزائد بن نشيط لا يعرف أيضا.




الخدمات العلمية