الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2364 - (إن لله تعالى مائة خلق وسبعة عشر خلقا من أتاه بخلق منها دخل الجنة) الحكيم (ع) هب) عن عثمان بن عفان . (ح)

التالي السابق


(إن لله تعالى مئة خلق) أي وصف (وسبعة عشر) ، وفي رواية: ستة عشر وفي أخرى بضعة عشرة خلقا بالضم فيهما، وفي رواية بدل خلقا شريعة (من أتاه) يوم القيامة (بخلق منها) أي واحد (دخل الجنة) قال الحكيم: كأنه يريد أن من أتاه بخلق واحد منها وهب له جميع سيئاته وغفر له سائر ذنوبه وفي خبر أن الأخلاق في الخزائن فإذا أراد الله بعبد خيرا منحه خلقا منها ألا ترى أن المفرط في دينه المضيع لحقوقه يموت وهو صاحب خلق من هذه الأخلاق فتنطلق الألسنة بالثناء عليه فأخلاق الله أخرجها لعباده من باب القدرة وخزنها لهم في الخزائن وقسمها بينهم على قدر منازلهم عنده فمنهم من أعطاه منها واحدة ومنهم من أعطاه خمسة وعشرا وأكثر أو أقل فمن زاد منها ظهر منه حسن معاملة الخلق والخالق على قدر تلك الأخلاق ومن نقصه منها ظهر عليه بقدره فهذه أخلاق وأكثرها مما سمي به والذي لم يسم به داخل فيما سمي به لأن اللين والرزانة من الحلم والرأفة والرحمة من النزاهة فمنحه الله إياه واحدة من هذه الأخلاق أن يعطيه نور ذلك الاسم فيشرق نوره على قلبه وفي صدره فيصير لنفسه بذلك الخلق بصيرة فيعتادها ويتخلق بها فحقيق بمن أكرمه بذلك أن يهب له مساويه ويستره بعفوه ويدخله جنته وقد (عد) في بعض الروايات من تلك الأخلاق كظم الغيظ والعفو عند القدرة والصلة عند القطيعة والحلم عند السفه والوقار عند الطيش ووفاء الحق عند الجحود والإطعام عند الجوع والقطيعة عند المنع والإصلاح عند الإفساد والتجاوز عن المسيء والعطف على الظالم وقبول المعذرة والإنابة للحق والتجافي عن دار الغرور وترك التمادي في الباطل فإذا أراد الله بعبد خيرا وفقه لتلك الأخلاق وإن أراد به شرا خلى بينه وبين أخلاق إبليس التي منها أن يغضب فلا يرضى ويسمع فيحقد ويأخذ في شره ويلعب فيلهو (تتمة) قال ابن عربي: سئل الجنيد عن المعرفة والعارف فقال لون الماء لون إنائه أي هو متخلق بأخلاق الله تعالى حتى كأنه هو وما هو هو. .

(تنبيه): لم يصرح في هذا الحديث في أي مكان هذه الأخلاق ولم يصرح بأن الآتي بشيء من هذه الأخلاق شرطه الإسلام وقد بين ذلك في حديث آخر روى الطبراني عنه في الأوسط مرفوعا " إن لله عز وجل لوحا من زبرجدة خضراء تحت العرش كتب فيه أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين خلقت بضعة عشر وثلاث مائة خلق من جاء بخلق منها مع شهادة أن لا إله إلا الله دخل الجنة " وإسناده حسن ولا منافاة بين قوله في الحديث المشروح مائة وقوله في الحديث ثلاث مائة لأنا إن قلنا إن مفهوم العدد ليس بحجة فالقليل لا ينفي الكثير وإلا فيمكن أن يقال إن منها مائة وسبعة عشر أصول والباقي متشعبة عنها داخلة تحتها فأخبر مرة بالأصول وأخرى بها وما تفرع عنها

( الحكيم) الترمذي (ع) (هب) من حديث عبد الواحد بن زيد عن عبد الله بن راشد مولى عثمان (عن عثمان) ابن عفان ثم قال أعني البيهقي هكذا رواه عبد الواحد بن زيد البصري الزاهد وليس بقوي في الحديث وقد خولف في إسناده ومتنه اهـ.ولما عزاه الهيثمي إلى أبي يعلى قال فيه عبد الله بن راشد ضعيف اهـ.وقال في اللسان قال ابن عبد البر عبد الواحد بن زيد الزاهد أجمعوا على تركه وقال ابن حبان يقلب الأخبار من سوء حفظه وكثرة وهمه [ ص: 483 ] فاستحق الترك اهـ. وعبد الله بن راشد ضعفوه وبه أعل الهيثمي الخبر كما تقرر لكنه عصب الجناية برأسه وحده فلم يصب.




الخدمات العلمية