الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1274 - (أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل وأفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم) (م) 4) عن أبي هريرة (الروياني في مسنده (طب) عن جندب.

التالي السابق


(أفضل الصلوات بعد المكتوبة) أي: ولواحقها من الرواتب وما أشبهها مما يسن فعله جماعة إذ هي أفضل من مطلق النفل على الأصح (الصلاة في جوف الليل) فهي فيه أفضل منها في النهار لأن الخشوع فيه أوفر لاجتماع القلب والخلو بالرب إن ناشئة الليل هي أشد وطئا أمن هو قانت آناء الليل ولأن الليل وقت السكون والراحة فإذا صرف إلى العبادة كانت على النفس أشد وأشق وللبدن أتعب وأنصب فكانت أدخل في معنى التكليف وأفضل عند الله ذكره الزمخشري وبالصلاة ليلا يتوصل إلى صفاء السرور ودوام الشكر وهي بعد نوم أفضل والمراد بالجوف هنا السدس الرابع والخامس فهما أكمل من بقيته لأنه الذي واظب عليه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولأنه أشق الأوقات استيقاظا وأحبها راحة وأولاها لصفاء القلوب: وأقربها إلى الإجابة المعبر عنها في الأحاديث بالنزول (وأفضل الصيام بعد شهر رمضان) المضاف محذوف أي: أفضل شهور الصيام (شهر الله) قال الزمخشري: أضافه إليه عز اسمه تعظيما له وتفخيما كقولهم بيت الله وآل الله لقريش وخص بهذه الإضافة دون بقية الشهور مع أن فيها أفضل منه إجماعا لأنه اسم إسلامي فإن اسمه في الجاهلية صفر الأول وبقية الشهور متحدة الأسماء جاهلية وإسلاما (المحرم) أي: هو أفضل شهر يتطوع بصومه كاملا بعد رمضان فأما التطوع ببعض شهر فقد يكون أفضل من بعض أيامه كصوم عرفة وعشر الحجة ذكره الحافظ ابن رجب وذلك لأنه أول السنة المستأنفة وافتتاحها بالصوم الذي هو ضياء أفضل الأعمال وقال الزمخشري: خصه من بين الأشهر الحرم لمكان عاشوراء فأفضل الأشهر لصوم التطوع المحرم ثم رجب ثم بقية الأشهر الحرم ثم شعبان ولا يعارضه إكثار النبي صلى الله عليه وسلم صوم شهر شعبان دونه لأنه إنما علم فضل صوم المحرم آخرا ولعله لعارض وتفضيل صوم داود باعتبار الطريقة وهذا باعتبار الزمن فطريقة داود في المحرم أفضل من طريقته في غيره كذا وفق جمع وضعف والظاهر أن التطوع المطلق بالصوم أفضله المحرم كما أن أفضل النفل المطلق صلاة الليل وما صيامه تبع كصوم ما قبل رمضان وما بعده فليس من المطلق بل صومه تبع لرمضان ولذا قيل إن صوم ست شوال يلحق رمضان ويكتب معه بصيام الدهر فرضا فهذا النوع صومه أفضل التطوع مطلقا والمطلق أفضله المحرم اهـ.

(م) (عد) كلهم في الصوم (عن أبي هريرة) يرفعه (الروياني) بضم الراء وسكون الواو وفتح المثناة التحتية وبعد الألف نون نسبة إلى مدينة بناحية طبرستان واسمه محمد بن هارون الحافظ (في مسنده) المشهور قال ابن حجر : مسند الروياني ليس دون الست في الرتبة بل لو ضم إلى الخمسة كان أولى [ ص: 42 ] من ابن ماجه فإنه أمثل منه بكثير. إلى هنا كلامه (طب) عن جندب) هو في الصحابة متعدد فكان ينبغي تمييزه ولم يخرجه البخاري قال المناوي: ووهم الطبراني في عزوه له.




الخدمات العلمية