الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1605 - (أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير منهم عمرو بن تغلب) (خ) عن عمرو بن تغلب. (صح)

التالي السابق


(أما بعد) أي حمد الله والثناء عليه قال عياض: هي كلمة يستعملها الخطيب للفصل بين ما كان فيه من حمد وثناء والانتقال إلى ما يريد التكلم فيه ويعوض عنها لفظتين هذا ولما كان كذا وأول من قالها داود أو يعقوب أو يعرب بن قحطان أو كعب بن لؤي أو سحبان أو وائل أو قس بن ساعدة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح والأول أشبه ويجمع بينه وبين غيره بأنه بالنسبة للأولية المحضة والبقية بالنسبة إلى العرف خاصة ثم يجمع بينهما بالنسبة إلى القبائل (فوالله إني لأعطي) بلام بعدها همزة مضمومة فعين ساكنة فطاء مكسورة بلفظ المتكلم لا بلفظ المجهول من الماضي (الرجل وأدع) بفتح الهمزة والدال أي أترك (الرجل) الآخر فلا أعطيه شيئا (والذي أدع) إعطاءه (أحب إلي من الذي أعطي) عائد الموصول محذوف (ولكن) وفي رواية للبخاري ولكني (أعطي أقواما لما) بكسر اللام (أرى) [ ص: 173 ] من نظر القلب لا من نظر العين (في قلوبهم من الجزع) بالتحريك أي الضعف عن تحمل ما نزل بهم من الإملاق (والهلع) بالتحريك أيضا شدة الجزع أو أفحشه أو هما بمعنى وهو شدة الحرص فالجمع للإطناب (وأكل أقواما) بفتح الهمزة وكسر الكاف (إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى) النفسي (والخير) الجبلي الداعي إلى التصبر والتعفف عن المسألة والشره (منهم) أي من الأقوام الذين لهم غنى النفس (عمرو بن تغلب) بفتح المثناة فوق وسكون المعجمة وكسر اللام بعدها موحدة وهو النمري بالتحريك وفيه أن الرزق في الدنيا ليس على قدر درجة المرزوق في الآخرة وأما في الدنيا فتقع العطية والمنع بحسب السياسة الدنيوية وأن البشر جبلوا على حب العطاء وبغض المنع وأن المنع قد يكون خيرا للممنوع وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم واستئلاف من يخشى جزعه أو يرجى بسبب إعطائه طاعة من يتبعه والاعتذار إلى من ظن ظنا والأمر بخلافه

(خ) عن عمرو بن تغلب) هذا قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم بمال فقسمه فأعطى رجالا وترك رجالا فبلغه أن الذين تركوا عتبوا عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكره قال عمرو: فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم انتهى.




الخدمات العلمية