( فصل : ) هو ( قول غير صحابي في كل عصر : قال النبي صلى الله عليه وسلم ) وهو قول أصحابنا ( المرسل ) في اصطلاح الفقهاء والكرخي والجرجاني وبعض الشافعية والمحدثين . وخصه أكثر المحدثين وكثير من الأصوليين بالتابعي ، سواء كان من كبارهم ، وهو من لقي جماعة كثيرة من الصحابة ، كعبيد الله بن عدي بن الخيار [ ص: 317 ] ، وكسعيد بن المسيب وعلقمة بن قيس النخعي ، حكيم هذه الأمة ، وكأبي مسلم الخولاني ، وكمسروق وأشباههم . أو من صغارهم ، وهو من لم يلق من الصحابة إلا القليل . وكعب الأحبار كيحيى بن سعيد الأنصاري وأبي حازم وابن شهاب لقي عشرة من الصحابة . وقيل : ما كان من صغار التابعين . لا يسمى مرسلا ، بل منقطعا لكثرة الوسائط لغلبة روايتهم عن التابعين . وقيل : يسمى مرسلا إذا سقط من الإسناد واحد أو أكثر ، سواء الصحابي وغيره . فيتحد مع المسمى بالمنقطع بالمعنى الأعم . قال : ففي الفقه وأصوله : أن كل ذلك يسمى مرسلا قال وإليه ذهب من أهل الحديث ابن الصلاح وقطع به إلا أن أكثر ما يوصف بالإرسال من حيث الاستعمال : ما رواه التابعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وما رواه تابع التابعي فيسمونه معضلا انتهى . وعلى هذا : لو سقط بين الراويين أكثر من واحد فإنه يسمى معضلا أيضا ( وهو ) أي المرسل ( حجة كمراسيل الصحابة ) عند أبو بكر الخطيب وأصحابه ، والحنفية والمالكية أحمد والمعتزلة . وحكاه الرازي في المحصول عن الجمهور . واختاره الآمدي وغيره . وذكر أن التابعين أجمعوا بأسرهم على قبول المراسيل ، ولم يأت عن أحد إنكارها إلى رأس المائتين . وكذا قال محمد بن جرير الطبري : إنكار كونه حجة بدعة حدثت بعد المائتين . وذلك لقبولهم مراسيل الأئمة من غير نكير وعن أبو الوليد الباجي رضي الله عنه رواية ثانية : أن المرسل ليس بحجة . قال الإمام أحمد : هو قول أهل الحديث . قال ابن عبد البر : هو المذهب الذي استقر عليه رأي أهل الحديث ، ونقاد الأثر ، كما قال ابن الصلاح في الكفاية . وحكاه الخطيب عن أهل العلم بالأخبار . وهذا وإن قاله مسلم على لسان غيره ، لكن أقره . واحتجوا بأن فيه جهلا بعين الراوي وضعفه . مسلم
وقال وأتباعه : إن كان من كبار التابعين ، ولم يرسل إلا عن عذر ، وأسنده غيره أو أرسله ، وشيوخهما مختلفة أو عضده عمل صحابي ، أو الأكثر أو قياس ، أو انتشار ، أو عمل العصر : قبل ، وإلا فلا ( ويشمل ) اسم المرسل ما سموه ( معضلا [ ص: 318 ] و ) ما سموه ( منقطعا ) قد تقدم أن أهل الحديث سموا ما رواه تابع التابعي وما سقط بين راوييه أكثر من واحد معضلا . وقال الشافعي وكثير من الفقهاء وغيرهم لو انقطع في الإسناد واحد ، كرواية تابع التابعي عن صحابي . فهو مرسل ، والأشهر عند المحدثين : أنه منقطع . انتهى . وقال بعض المحدثين : من روى عمن لم يلقه ووقفه عليه فمرسل أو منقطع ، ويسمى موقوفا ، والمنقطع سقوط راو فأكثر ممن هو دون الصحابي . والانقطاع إما في الحديث أو الإسناد ، على ما يؤخذ من كلامهم من الإطلاقين ; إذ مرة يقولون في الحديث : منقطع ، ومرة في الإسناد منقطع . القاضي
فالمنقطع بهذا الاعتبار أخص من مطلق المنقطع المقابل للمتصل الذي هو مورد التقسيم . فإن كان الساقط أكثر من واحد باعتبار طبقتين فصاعدا ، إن كان في موضع واحد سمي معضلا ، وإن كان في موضعين سمي منقطعا من موضعين .
إذا علم ذلك فإذا روى عمن لم يلقه ، فهو مرسل من حيث كونه انقطع بينه وبين من روى عنه ، كما تقدم في المسألة التي قبلها على رأي وكثير من الفقهاء ، ومنقطع على رأي المحدثين ، كما تقدم عنهم في أصل المرسل . وموقوف لكونه وقفه على شخص . فهو بهذه الاعتبارات له ثلاث صفات . يسمى مرسلا باعتبار ، ومنقطعا على رأي المحدثين ، وموقوفا باعتبار كونه وقفه على شخص . وأما القاضي : فحجية غير الصحابة مقيسة على حجية مرسلهم ، وعلى حجية مرسل الصحابة أكثر العلماء ; لأن روايتهم عن الصحابة ، والجهالة بالصحابي غير قادحة لأنهم كلهم عدول . وهذا في الغالب وإلا فقد يروى عن التابعي . وأما صغار الصحابة - مرسل الصحابة . فإنه ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أشهر وأيام - فإن مراسيلهم كمراسيل كبار التابعين ، لا من قبيل مراسيل الصحابة . كمحمد بن أبي بكر
وهذا مما يلغز به . فيقال : صحابي حديثه مرسل لا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة .