الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وقول مجتهد ) واحد ( في ) مسألة ( اجتهادية [ ص: 236 ] تكليفية ) ليخرج ما لا تكليف فيه . كقول القائل مثلا : عمار أفضل من حذيفة ( إن انتشر ) قوله ( ومضت مدة ينظر فيها ) ذلك القول ( وتجرد ) قوله ( عن قرينة رضى وسخط ، ولم ينكر ) وكان ذلك ( قبل استقرار المذاهب ) ليخرج ما احتمل أنه قاله تقليدا لغيره ( إجماع ظني ) عند الإمام أحمد رضي الله عنه وأصحابه وأكثر الحنفية والمالكية . وحكي عن الشافعي وأكثر أصحابه . وذلك : لأن الظاهر الموافقة لبعد سكوتهم عادة . ولذلك يأتي في قول الصحابي والتابعي في معرض الحجة : كانوا يقولون أو يرون ونحوه ، ومعلوم أن كل أحد لم يصرح به ، وسكوتهم يشعر بالموافقة ، وإلا لأنكر ذلك ، وهو مستمد من سكوته صلى الله عليه وسلم . على فعل أحد بلا داع ؟ وفي شرح الوسيط للنووي : الصواب من مذهب الشافعي : أنه حجة وإجماع ، وهو موجود في كتب العراقيين . انتهى .

وقال ابن عقيل في الفنون ، والقاضي أبو بكر ابن الباقلاني ، وأبو المعالي ، وحكي عن الشافعي أيضا : لا يكون إجماعا ولا حجة ، لاحتمال توقف الساكت ، أو ذهابه إلى تصويب كل مجتهد . حكاه الباقلاني عن الشافعي . قال الغزالي في المنخول : نص عليه في الجديد . واستدل له بأنه يحتمل أنه لم يجتهد ، أو اجتهد ووقف ، أو خالف وكتم للتروي والنظر ، أو لأن كل مجتهد مصيب ، أو وقر القائل أو هابه . ورده أصحاب القول الأول بأنه خلاف الظاهر ، لا سيما في حق الصحابة مع طول بقائهم . واعتقاد الإصابة لا يمنع النظر لتعرف الحق . كالمعروف من أحوالهم و ( لا ) يكون ( الأخذ بأقل ما قيل ، كدية الكتابي الثلث ) إجماعا للخلاف في الزائد ، خلافا لمن ظنه إجماعا وهذا ليس بصحيح ; لأن قوله يشتمل على وجوب الثلث ونفي الزائد . والإجماع لم يدل على نفي الزائد ، بل على وجوب الثلث فقط وهو بعض المدعى . فالثلث وإن كان مجمعا عليه ، لكن نفي الزيادة لم يكن مجمعا عليه . فالمجموع لا يكون مجمعا عليه ، والقائل بالثلث مطلوبه مركب من أمرين من الثلث ونفي الزيادة ، فلا يكون مذهبه متفقا عليه . فالأخذ بمثل ذلك مركب من [ ص: 237 ] الإجماع والبراءة الأصلية . فإن إيجاب الثلث مجمع عليه ، ووجوب الزيادة عليه مدفوع بالبراءة الأصلية ( ولا ) إجماع ( يضاد ) إجماعا ( آخر ) عند الجمهور ; لأنه إذا انعقد الإجماع في مسألة على حكم من الأحكام لا يجوز أن ينعقد بعده إجماع يضاده ، لاستلزام ذلك تعارض دليلين قطعيين ، وهو ممتنع . وجوزه أبو عبد الله البصري

التالي السابق


الخدمات العلمية