الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد علم مما : تقدم : أنه يصح التكليف مع سكر لم يعذر به ، وأما من عذر بالسكر ، كمن أكره على شرب المسكر . فإنه غير مكلف في حال سكره المعذور به . وإلى ذلك أشير بقوله ( أو عذر بسكر . و ) كذا لا يكلف ( آكل بنجا ومغمى عليه ونائم وناس ومخطئ ومجنون وغير بالغ ) من ذكر وأنثى .

قال في شرح التحرير : ذكرنا في هذه الجملة مسائل لا يكلف صاحبها على الأصح من المذهب أحدها : المعذور بالسكر كالمكره ، هل يكلف أم لا ؟ فيه خلاف ، والصحيح من المذهب : أن حكمه حكم المغمى عليه والمجنون في تكليفه وعدمه ، ثم قال : الثانية : المغمى عليه . والصحيح من المذهب : أنه غير مكلف حال إغمائه ، بل هو أولى من السكران المكره في عدم التكليف . ونص عليه الإمام أحمد ، ثم قال : الثالثة : آكل البنج . والصحيح من المذهب : أن أكله لغير حاجة إذا أزال العقل كالمجنون . ولا يقع طلاق من تناوله . ونص عليه الإمام أحمد ، لأنه لا لذة فيه ، ثم قال : والرابعة والخامسة : النائم والناسي والصحيح من المذهب : أنهما غير مكلفين حال النوم والنسيان ، لأن الإتيان بالفعل المعين على وجه الامتثال يتوقف على العلم بالفعل المأمور به ، لأن الامتثال عبارة عن إيقاع المأمور به على وجه الطاعة ، ويلزم من ذلك علم المأمور بتوجه الأمر نحوه وبالفعل . فهو مستحيل عقلا لعدم الفهم .

كما تقدم في السكران ، بدليل عدم تحرزهم من المضار وقصد الفعل بلطف ومداراة ، بخلاف الطفل والمجنون فإنهما يفهمان ويقصدان الفعل عند التلطف بهما ، ويحترزان من المضار ، بل والبهيمة كذلك ، ويخص النائم والناسي بقول [ ص: 161 ] النبي صلى الله عليه وسلم { رفع القلم عن النائم حتى يستيقظ } و { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان } وألحق ابن حمدان في مقنعه المخطئ بهما ، وهو كما قال انتهى

التالي السابق


الخدمات العلمية