( وما يقع بين أرباب المذاهب : أوفق ما يحمل الأمر فيه : بأن يخرج مخرج الإعادة والدرس ، وأما اجتماع متجادلين كل منهم لا يطمع أن يرجع إن ظهرت حجة ولا فيه مؤانسة ، و ) لا فيه ( مودة وتوطئة القلوب لوعي حق : فمحدث مذموم ) قال ابن هبيرة : أوفق ما يحمل الأمر فيه : بأن يخرج مخرج الإعادة والدرس ، فأما اجتماع جمع متجاذبين في مسألة ، مع أن كلا منهم لا يطمع أن يرجع إن ظهرت حجة ، ولا فيه مؤانسة ومودة ، وتوطئة القلوب لوعي حق ، بل هو على الضد ، فتكلم فيه العلماء - الجدل الذي يقع بين أرباب المذاهب - وهو محدث ، قال كابن بطة ابن مفلح : وما قاله صحيح ، وذكره بعضهم عن العلماء ، وعليه يحمل ما رواه أحمد والترمذي وصححه عن أبي غالب - وهو مختلف فيه - عن أبي أمامة مرفوعا { ما ضربوه لك [ ص: 580 ] إلا جدلا } } ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ، ثم تلا { عن ولأحمد مكحول عن - ولم يسمع منه مرفوعا - { أبي هريرة } لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك المراء ، وإن كان محقا وللترمذي عن مرفوعا { ابن عباس } لا تمار أخاك بإسناد حسن عن ولأبي داود أبي أمامة مرفوعا { } أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا ولابن ماجه والترمذي - وحسنه - عن سلمة بن وردان - وهو ضعيف - عن مرفوعا { أنس } ( ولولا ما يلزم من إنكار الباطل واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في رده عن ضلالته لما حسن ) أي الجدال ( للإيحاش غالبا ، لكن فيه أعظم المنفعة مع قصد نصرة الحق ، أو ) قصد ( التقوي على الاجتهاد لا المغالبة ، وبيان الفراهة ) نعوذ بالله منهما ( فإن طلب الرياسة و ) طلب ( التقدم بالعلم يهلك . والمعول فيه : على إظهار الحجة ، وإبطال الشبهة ، فيرشد المسترشد ، ويحذر المناظر ) من ترك المراء وهو محق بني له بيت في وسط الجنة
قال في الواضح : وكل جدل لم يكن الغرض فيه نصرة الحق فإنه وبال على صاحبه ، والمضرة فيه أكثر من المنفعة ; لأن المخالفة توحش ، ولولا ما يلزم من إنكار الباطل ، واستنقاذ الهالك بالاجتهاد في رده عن ضلالته ، لما حسنت المجادلة للإيحاش فيها غالبا ، ولكن فيها أعظم المنفعة إذا قصد بها نصرة الحق ، والتقوي على الاجتهاد ونعوذ بالله من قصد المغالبة ، وبيان الفراهة وينبغي أن يجتنبهما ، وقال ابن عقيل : طلب الرياسة والتقدم بالعلم يهلك ، ثم ذكر اشتغال أكثرهم في الجدل ، ورفع أصواتهم في المساجد ، وإنما المقصود الغلبة والرفعة ، وإفتاء من ليس أهلا وقال أيضا في قوله تعالى { ابن الجوزي فلا ينازعنك في الأمر } أي في الذبائح . والمعنى : فلا تنازعهم ، ولهذا قال : { وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون } قال : وهذا أدب حسن ، علمه الله - تعالى - عباده ليردوا به من جادلهم به تعنتا ولا يجيبوه ( فلو ) ( توجه تحريم مجادلته ) قال ( بان له سوء قصد خصمه ) ابن مفلح : توجه في تحريم مجادلته خلاف ، لنا فيه وجهان قال في شرح التحرير : قلت : والصحيح من المذهب التحريم . كدخول من لا جمعة عليه في البيع مع من تلزمه