( و ) من أدلة الفقه أيضا ( ) وهو معنى قول الفقهاء " إن العادة محكمة " أي معمول بها شرعا ; لحديث يروى عن تحكيم العادة رضي الله تعالى عنه ، موقوفا عليه وهو { عبد الله بن مسعود } ولقول ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن ابن عطية في قوله تعالى { خذ العفو وأمر بالعرف } : إن معنى العرف : كل ما عرفته النفوس مما لا ترده الشريعة ، قال ابن ظفر في الينبوع " العرف " ما عرفه العقلاء بأنه حسن ، وأقرهم الشارع عليه وكل ما تكرر من لفظ " المعروف " في القرآن نحو قوله سبحانه { وعاشروهن بالمعروف } فالمراد به ما يتعارفه الناس في ذلك الوقت من مثل ذلك الأمر [ ص: 600 ] ومن ذلك : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم } ، فابتنى الحكم الشرعي على ما كانوا يعتادونه . فأمر بالاستئذان في الأوقات التي جرت العادة فيها بالابتذال ووضع الثياب
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم لهند { } وقوله صلى الله عليه وسلم خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف لحمنة بنت جحش { } رواه تحيضي في علم الله تعالى ستا أو سبعا ، كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن الترمذي وصححه ، وحديث الحاكم { أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها ذلك فلتترك الصلاة أم سلمة } رواه أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحيهما ومن ذلك : حديث وابن حبان حرام بن محيصة الأنصاري ، عن { البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه ، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم على أهل الحيطان حفظها بالنهار ، وعلى أهل المواشي حفظها بالليل البراء } رواه أن ناقة وصححه جماعة . وهو أدل شيء على اعتبار العادة في الأحكام الشرعية ; إذ بنى النبي صلى الله عليه وسلم التضمين على ما جرت به العادة وضابطه كل فعل رتب عليه الحكم ، ولا ضابط له في الشرع ولا في اللغة ، كإحياء الموات ، والحرز في السرقة ، والأكل من بيت الصديق . وما يعد قبضا وإيداعا وإعطاء وهدية وغصبا ، والمعروف في المعاشرة أبو داود
وانتفاع المستأجر بما جرت به العادة . وأمثال هذه كثيرة لا تنحصر . ومأخذ هذه القاعدة وموضعها من أصول الفقه في قولهم " الوصف المعلل به قد يكون عرفيا " أي من مقتضيات العرف وفي باب التخصيص في تخصيص العموم بالعادة .