وفيه دلالة واضحة على أن إلى ألا تؤثر في هلاكه - إن شاء الله تعالى -. التوحيد رأس الطاعات، وأن الذنوب - وإن كانت كبائر - تضمحل عنده
بل التوحيد إذا تحقق، وثبت، ورسخ، يوصل أهله إلى الجنة.
ويدل لذلك حديث - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: جابر بن عبد الله أخرجه «سنتان موجبتان»، فقال رجل: يا رسول الله! ما الموجبتان؟ قال: من مات يشرك بالله شيئا، دخل النار، ومن مات لا يشرك بالله شيئا، دخل الجنة» مسلم.
فيه أن وأن التوحيد موجب لدخول الجنة وإن كان صاحبه مقصرا في تكثير الأعمال الصالحات. الشرك يحبط الأعمال كلها وإن كانت صالحة،
وما أبلغ هذه البشارة لو كانوا يعلمون! وما أكثر نعي هذا الحديث على الذين هم بربهم يشركون في الربوبية، أو الألوهية!
وفي حديث -رضي الله عنه- يرفعه: أبي هريرة أخرجه «أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه» البخاري.
فيه: أن شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون لمن يوحد الله بالإخلاص، ولا يشرك به أحدا.
فمن قال الكلمة باللسان، ولم يعمل بموجبها مخلصا له الدين، فلا تناله [ ص: 121 ] شفاعته صلى الله عليه وسلم بحال من الأحوال؛ لأن ويغفر ما دونه لمن يشاء. الشرك لا يغفره الله تعالى،
ويبين ذلك حديث -رضي الله عنهما-، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ابن عباس
ثم نهض، فدخل منزله، فخاض الناس في أولئك.
فقال بعضهم: فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال بعضهم: لعلهم الذين ولدوا في الإسلام، فلم يشركوا بالله شيئا، وذكروا أشياء.
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبروه، فقال: «هم الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون».
فقام عكاشة بن محصن، فقال: يا رسول الله! ادع الله أن يجعلني منهم.
قال: «أنت منهم».
ثم قام رجل آخر، فقال: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: «سبقك بها عكاشة». أخرجه «عرضت علي الأمم، فرأيت النبي ومعه الرهط، والنبي ومعه الرجل، والرجلان، والنبي وليس معه أحد؛ إذ رفع لي سواد عظيم، فظننت أنهم أمتي فقيل لي: هذا موسى وقومه، فنظرت، فإذا سواد أعظم، فقيل لي: هذه أمتك، ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب». مختصرا، ومطولا، البخاري واللفظ له، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
وهذا الحديث يعرف بحديث عكاشة.
وما أدله على خلاص أهل التوحيد من النار! بل على سبقهم إلى الجنة من دون عذاب، ولا حساب!