فصل : والضرب الثاني أن تكون توجب القود ، فالمفلس بالخيار بين أن يقتص أو يأخذ المال ، سواء كانت الجناية عليه أو على غيره فانتقل إرثا إليه لقوله تعالى : الجناية عمدا ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا [ الإسراء : 33 ] .
فإن أراد القصاص لم يكن للغرماء عليه اعتراض ، وإن أراد المال كان له وقسم بين غرمائه ، وإن عفى عن القصاص ولم يصرح بالعفو عن المال سقط الضمان ، وفي قولان مبنيان على اختلاف قول سقوط المال الشافعي في جناية العمد ما الذي توجب ؟
[ ص: 325 ] فأحد القولين : أنها توجب القصاص ، فأما المال فإنما يجب باختيار الولي ، فعلى هذا القول سقط حقه من المال إذا لم يختره في الحال .
والقول الثاني : أن جناية العمد توجب أحد شيئين إما القصاص أو المال ، فعلى هذا القول لا يسقط المال بعفوه عن القصاص ، فأما إن عفى المفلس عن الأمرين معا من القصاص والمال وصرح بهما في عفوه صح عفوه عن القصاص ، وفي ثلاثة أقاويل : عفوه عن المال
أحدها : أن عفوه صحيح وقد سقط المال ، وهذا إذا قيل : إن جناية العمد توجب القصاص وحده ، وأن المال لا يجب إلا باختيار الولي ، فيسقط المال بعفوه عنه ، لأن أحدا لا يجبر على تملك مال من محجور عليه ومطلق .
والقول الثاني : أن عفوه عن المال باطل وتؤخذ الدية وتقسم بين غرمائه ، وهنا إذا قيل : إن جناية العمد توجب القصاص أو المال وإن حجر المفلس يجري مجرى حجر السفه .
والقول الثالث : أن عفوه موقوف إذا قيل : إن الحجر عليه جار مجرى حجر المرض لينظر هل في ماله وفاء بدينه فيصح أو عجز عنه فيبطل .